تُعرف المرونة على أنها القدرة على التكيف مع التغييرات قصيرة المدى بكل هدوء وبسرعة، بحيث يتعامل الفرد مع المشكلات أو المهام المطلوبة منه وغير المتوقعة بطريقة فعالة، ولا يمكن التنبؤ بموعد حدوث هذه التغييرات دائمًا، وهنا يتطلب الأمر المرونة والاستجابة الفورية للتغيير، والتي تساعد في استقرار المواقف عند حدوث الأزمات والمشكلات، وتحافظ على الأهداف الواقعية ممكنة التحقيق، ويساعد الأشخاص الذين يتمتعون بها على دعم الآخرين الذين يحتاجون للمساعدة أو المشورة.[١]


كيفية التعامل بمرونة

فيما يلي ذكر لبعض الأمور التي تساعد الأفراد على التعامل بمرونة بشكل عام مع الآخرين، أو حتى تجاه المواقف المختلفة:

الاهتمام بالصحة الجسدية والعقلية

الرعاية الذاتية بالصحة الجسدية والصحة العقلية أمران مهمان للغاية لبناء المرونة، لذلك من الضروري أن يُعزز الفرد من أساليب الحياة الإيجابية وأنماطها مثل: التغذية السليمة والنوم الكافي والترطيب اللازم للجسد وممارسة التمارين الرياضية، والتي تقوي الجسد وتقلل من المشاعر السلبية كالقلق والاكتئاب، بالإضافة إلى ممارسة التمارين العقلية كاليوغا وغيرها، وكذلك ممارسة الروحانيات كالصلاة والتأمل فهي تساعد في بناء الروابط وتعزيز الأمل، وتعمل هذه الممارسات على تهيئة الفرد للتعامل مع المواقف التي تتطلب المورنة.[٢]


تبني الأفكار الصحية

تلعب طريقة التفكير دورًا مهمًا في مدى المرونة عند التعامل مع العقبات، لذلك من الضروري أن يحدد الفرد اتجاهات التفكير غير العقلانية التي تزيد المشاكل تعقيدًا وتصور استحالة حلها، وأن يتخذ نمط تفكير متوازنًا وعقلانيًا وواقعيًا، وأن يتقبل التغيير المستمر للحياة، فقد لا تتحقق بعض الأهداف أو قد تتجه الطموحات في اتجاه معاكس لما هو مطلوب، حينها يجب أن يتقبل الفرد هذه الظروف التي لا يمكن تغييرها، وأن يحافظ على النظرة التفاؤلية بدلًا من القلق، والتعلم من أوقات الشدة التي مرَّ بها الفرد للاستجابة بفعالية مستقبلًا.[٢]


تقديم الخدمة للآخرين

مساعدة الآخرين والتطوع لسد حاجياتهم ودعمهم وقت الحاجة من الأمور التي تساعد الفرد على شعوره بامتلاك الهدف، وتعزيز تقديره لنفسه، وتنمية المرونة في شخصيته، إضافةً لإتاحة العديد من الطرق للبحث عن فرص لاكتشاف ذاته، فالكثير من الأفراد قد لمسوا تنمية في شخصياتهم جراء التضحية والنضال مع الآخرين، فمن الرائع بعد مرور أي شخص أن يحفزه الشخص المرن حتى ومع شعوره بالضعف بأنه توجد مشاعر أقوى منه لكي يشعر بقيمته الذاتية ومكانته في الحياة.[٢]


تعزيز الثقة بالنفس

تعد قلة الثقة بالنفس من الأسباب الرئيسية التي تخلق الخوف والقلق من التغيير وأنهم لن يستطيعوا أن يتعاملوا مع التغيير، ولكن تعزيز الثقة بالنفس من الأمور التي تساهم في التخفيف من هذا القلق والخوف، ومن أكثر الطرق فاعلية لتعزيز الثقة بالنفس هي التدريب الذهني والتدريب العقلي، حتى يتقن الفرد القيادة الذاتية بنفسه.[٣]


التخطيط لأهداف جديدة

يساعد تحديد الأهداف على التعامل مع التغيير الذي يحصل، إضافةً لزيادة التركيز والإنتاجية لدى الفرد، وصرف الانتباه بعيدًا عن مخاوفه من هذا الهدف، إضافةً لبناء الثقة بالنفس من خلال تعزيز الشعور بالإنجاز والتقدم.[٣]


كتابة الأفكار لمساعدة العقل بمشاهدتها بواقعية

تساعد كتابة الأفكار على إخراجها من العقل حتى يتفرغ لتنفيذها، فمثلًا يكتب الفرد الأفكار العالقة في رأسه، وما يمكن أن يقوم به الفرد بدلًا من أن يبقى حبيسًا لأفكاره، وما هي الأمور التي تسيطر على عملية التفكير كي يسهل التعامل معها.[٤]


التفكير المتروي قبل الرفض

قبل الاستجابة لأي تغيير والتشبث بالتقيد في الأمور الروتينية ورفض الأفكار والطلبات دائمًا، وقبل الاستجابة يُنصح بأن يأخذ الإنسان نفسًا عميقًا ويحبسه لمدة 3 ثوانٍ، ثم يأخذ 5 ثوانٍ للزفير حتى يتهيأ لأن يستجيب بطريقة عقلانية، يساعد هذا الأسلوب في تحسين المرونة العقلية والتقليل من المخاوف والقلق، والتعامل مع الضيق الذي يعاني منه الفرد عندما يواجه الأفكار السلبية والمواقف السيئة.[٤]


تغيير النمط اليومي

تساعد هذه الطريقة في بناء المرونة المعرفية، ويقصد بها القيام بالأمور اليومية بطريقة مختلفة، فمثلًا إن كان الفرد يسلك نفس الطريق يوميًا للذهاب إلى العمل أو بنفس وسيلة المواصلات فمن الجيد أن يغير الطريقة أو أن يغير وسيلة المواصلات بين الحين والآخر، وبدلًا من ممارسة الرياضة في صالة الألعاب الرياضية، يُمكن أن يغير المكان من خلال الجري في الحديقة أو ركوب الدراجة الهوائية، وبدلًا من استخدام الفرد ليده اليمنى عند تنظيفه أسنانه يستخدم اليد اليسرى، فذلك التغيير يبني ويقوي مهارات عصبية جديدة لعقله.[٥]


البحث عن تجارب جديدة

عند تعلم الفرد لأمور جديدة وغير معتادة؛ يقوم الدماغ ببناء اتصالات متشابكة جديدة، وتقوم التجارب الجديدة بإطلاق الدوبامين في جسد الإنسان الذي يزيد الدافعية لديه ويعزز من الذاكرة والقدرة على التعلم، إضافةً إلى أن الخروج لتعلم وتجربة أنشطة جديدة يساهم في تطوير المرونة المعرفية، كالسفر مثلًا، أو التطوع في أمر جديد، وتعلم لغة جديدة، أو تعلم العزف على آلة موسيقية وغيرها من الأمور المماثلة.[٥]


تجنب الطريق السهل في بعض الأوقات

قد أظهرت الدراسات والأبحاث أن التعامل مع ما يُسمى بالصعوبات المرغوبة من الممكن أن يؤدي إلى تعلم أعمق، ويحدث هذا الأمر من خلال التأكيد على عدم اتخاذ الطرق الأسهل لإنجاز المهمات، فتسهيل الأمور دائمًا سيصعب من الوصول إلى المرونة المعرفية.[٥]


كيفية التعامل بمرونة في العمل

وفي ما يلي نطرح بعض الطرق والنصائح لكيفية التعامل بمرونة في بيئة العمل التي تعد من أكثر البيئات احتياجًا للمرونة:

  • تحديد الأهداف المستقبلية وتحدي النفس لتحقيقها: تتطلب الأهداف المستقبلية طويلة المدى جهدًا إضافيًا لتحقيقها، لذلك من الضروري أن يتأكد الفرد من أنه يتقدم تقدمًا ثابتًا نحوها، إذ إن هذا التقدم والعمل في سبيل تحقيقها يُساهم في تطوير عادات العمل الأكثر إيجابية وبالتالي الأكثر نجاحًا في العمل لدى الفرد، واتخاذ طرق إضافية لتحقيقها، فمثلًا عند تعزيز الشهادة الجامعية بشهادات أخرى ستزيد فرص الترقية في العمل أو حتى تغيير المهنة.[٦]
  • التغلب على القيود والعقبات الممكن تجاوزها: تحتاج المرونة في العمل إلى التغلب على القيود في الوظيفة، وذلك من خلال التدريب الخاص لتعلم كيفية إدارة بعض المواقف التي قد يتعرض لها الفرد، وكذلك العمل مع أعضاء الفريق، وتطوير مهارات حل المشكلات، مما سيزيد من كفاءة الموظف في إنجاز الواجبات في العمل وبالتالي اكتساب استقلالية في إتمام العمل بالطريقة التي تناسب الموظف.[٦]
  • التركيز على القيم الأساسية: تستخدم القيم الأساسية وثقافة المؤسسة التي يعمل بها الفرد كنقاط ربط تساعده في تحديد ما يمكن أن يوافق عليه الموظف وما لا يمكنه الموافقة عليه عند تلقيه لأوامر غير متوقعة، فمثلًا من الطبيعي أن يوافق الموظف على تحمل مسؤولية العمل الذي سيساعد في تحقيق الهدف السنوي لفريق عمله، لكن إن كان يوجد أي أمر مشكوك فيه قانونيًا يجب أن يتم رفضه.[١]
  • التزام الهدوء: يجب أن تتم مواجهة آثار التوتر؛ كضعف اتخاذ القرار وفقدان التركيز، من خلال اتباع الخطوات التي يستعيد بها الفرد الهدوء بتعلمه كيفية إدارة الإجهاد، فعندما تسير التوقعات في الطريق غير المتوقع سيكون الأمر محبطًا ومقلقًا للغاية.[١]


صفات الشخص المرن في التعامل

فيما يلي ذكر لسمات وخصائص الشخصية المرنة:[٧]

  • التمتع بشخصية مرنة تجعله قادرًا على التكيف مع البيئة الاجتماعية.
  • القدرة على حل المشكلات والقيادة بطريقة جيدة، والقدرة على فهم الأشخاص المحيطين بسهولة.
  • التمتع بالحس السليم، وامتلاك روح القدرة على العمل والتحمل، وإبراز العصف الذهني المتعلق بحل المشكلات الصغيرة والكبيرة.
  • الاهتمام بالمظهر وتقديم النفس بكرامة.
  • الجاذبية في الشخصية، لإظهاره المستمر للمواقف الإيجابية والبهجة الدائمة.
  • السهولة في القبول والتوافق، والسهولة في التواصل مع الآخرين.


المراجع

  1. ^ أ ب ت "How to Be Flexible in the Workplace", mindtools, Retrieved 18/6/2021. Edited.
  2. ^ أ ب ت "Building your resilience", apa, Retrieved 18/6/2021. Edited.
  3. ^ أ ب "Developing Personal Flexibility: Positive Attitudes Toward Change", wright, Retrieved 18/6/2021. Edited.
  4. ^ أ ب "5 Ways to Increase Your Emotional Flexibility", verywellmind, Retrieved 18/6/2021. Edited.
  5. ^ أ ب ت "7 Ways to Develop Cognitive Flexibility", opencolleges, Retrieved 18/6/2021. Edited.
  6. ^ أ ب "How to Be Flexible at Work (With Tips and Examples)", indeed, Retrieved 18/6/2021. Edited.
  7. "Traits of a flexible personality and their characteristics", traitsblog, Retrieved 18/6/2021. Edited.