ما هي أسباب انتشار البطالة في المجتمع؟

تُعرّف البطالة على أنها ظاهرة لا يستطيع فيها الأفراد في سن العمل الذين يرغبون بالعمل بدوام كامل من الحصول على وظيفة، ويُقاس معدل البطالة عادةً بقسمة عدد العاطلين عن العمل على إجمالي عدد الأشخاص في القوة العاملة، حيث يتم جمع وتحليل إحصائيات البطالة من قبل مكاتب العمل الحكومية في معظم البلدان، وتتم معاملة نتائج هذه الإحصائيات كأحد مؤشرات الوضع الاقتصادي للبلاد، وتنجم البطالة عن أسباب مختلفة تؤثر على مختلف مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والشخصية للفرد والمجتمع.^[١][٢]

الأسباب الاقتصادية أو المادية لانتشار البطالة

تعتمد البطالة بشكل كبير على النشاط الاقتصادي، حيث يمكن اعتبار النمو الاقتصادي والبطالة وجهين لعملة واحدة، وعندما يكون النشاط الاقتصادي مرتفعاً، يزيد الإنتاج وبالتالي تزيد الحاجة إلى العاملين لإنتاج أكبر كمية من السلع والخدمات، وفيما يلي ذكر لبعض الأسباب الاقتصادية لانتشار البطالة في المجتمع:^[٣]

• في بعض الأحيان، يتعلق الأمر بالأجور التي يقدمها أصحاب العمل؛ إذ قد يطلب بعض العاملين أجوراً محددة ولكنها أعلى مما يرغب صاحب العمل في دفعه، أو قد يكون الأجر الذي يرغب صاحب العمل في دفعه أقل من الحد الأدنى القانوني للأجور الذي حددته الحكومات لضمان أن الأجور تحافظ على لقمة العيش، ويؤدي هذا الجمود في سوق العمل وعدم الاتفاق بين صاحب العمل والباحث عن العمل إلى زيادة البطالة الهيكلية، ويميل الأفراد بسبب ذلك إلى الامتناع عن العمل.
• من الصعب العثور على وظيفة بالنسبة للأشخاص الذين يتنقلون بين الوظائف أو الذين ما زالوا في بداية حياتهم المهنية، حيث أن السبب الرئيسي للبطالة هنا لا يكمن في نقص الوظائف في السوق، إنما في الوقت المستغرق للحصول على وظيفة.
• تظهر البطالة الهيكلية، وهي أحد أنواع البطالة، عندما لا يكون هناك تطابق في المهارات التي تطلبها الشركة أو الوظيفة، ومؤهلات وتخصص الباحث عن العمل.^[٤]
• الركود العالمي من أهم أسباب البطالة وأكثرها انتشاراً، حيث تميل البطالة إلى الارتفاع بسرعة في هذه الفترة، ومع بداية الركود تواجه معظم الشركات زيادة في التكاليف العامة وهبوطاً في الإيرادات وضغطاً متزايداً لسداد ديونها، مما يدفعها إلى تسريح العمال من أجل خفض التكاليف، ويرتفع بسبب ذلك عدد العاطلين عن العمل في العديد من الصناعات في وقت واحد، ويزداد متوسط مدة البطالة للعمال خلال فترة الركود.^[٥]
• يلعب التغير التكنولوجي السريع دوراً كبيراً في تفاقم مشكلة البطالة، وذلك بسبب الاعتماد الكبير على الآلات والتقنيات لتنفيذ العديد من الوظائف في عصرنا الحالي، حيث حلت التكنولوجيا المتقدمة الجديدة محل العمال ذوي المهارات المنخفضة أو حتى ذوي الكفاءات العالية خاصة في المصانع.^[٦]

الأسباب الاجتماعية لانتشار البطالة

لا تعتبر الأسباب الاقتصادية أو المادية المسبب الوحيد للبطالة، بل ثمة أسباب اجتماعية عديدة تؤدي إلى زيادة معدلات البطالة، نذكر منها ما يأتي:^[٧][٨]

• تلعب المتغيرات الديموغرافية دوراً في زيادة أو نقصان نسبة البطالة في المجتمع، حيث يعتمد ذلك على حجم ومعدل نمو السكان، ومعدل المواليد والوفيات السنوي، والهجرة، والتركيب العمري للسكان، إذ يؤدي عدم التوازن بين عدد الباحثين عن العمل من السكان وعدد الوظائف المتاحة إلى نشوء البطالة والعمالة الناقصة.
• أحد أسباب عزوف الشباب عن العمل هو ثقافة العيب، والتي تعتبر ظاهرة اجتماعية منتشرة في بعض المجتمعات تحدد المهن والوظائف المناسبة واللائقة بمستوى من يبحث عن العمل.
• عدم الاهتمام بتطوير المشاريع الحديثة، والتي يمكن أن تساعد في تقديم المزيد من الوظائف للأفراد الباحثين عن العمل.

أسباب أخرى لانتشار البطالة

نذكر من أهم الأسباب الأخرى لانتشار البطالة ما يأتي:

• تعتبر الإعاقة أو المرض أو الإصابات الدائمة سبباً من أسباب البطالة، حيث تصل نسبة الشباب ذوي الاحتياجات الخاصة العاطلين عن العمل من 80% إلى 90% في البلدان النامية، بينما تتراوح نسبتهم في البلدان الصناعية بين 50% و70%، وفي معظم البلدان المتقدمة، يبلغ معدل البطالة الرسمي للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في سن العمل أكثر بمرتين عن غيرهم.^[٩]
• تواجه فئة الشباب وخاصة حديثي التخرج عوائق أكبر للانخراط في سوق العمل بسبب افتقارهم للخبرة العملية، مما يجعل من الصعب عليهم أن يصبحوا رواد أعمال أو أن يجدوا عملاً مناسباً لهم بسهولة.^[١٠]
• إهمال قطاع التعليم، مما يؤدي إلى غياب التثقيف والتمكين وبناء المهارات والمعرفة التي هي الأساس في إيجاد فرص عمل.^[٨]
• كشفت العديد من الدراسات وجود علاقة وطيدة بين البطالة وعدم احترام الذات وانعدام الثقة بالنفس مما يؤدي إلى الاكتئاب، حيث تخلق هذه الحالة النفسية حاجزاً يمنع الفرد من البحث عن العمل بشكل صحيح أو يبني لديه شعور بعدم الكفاءة للتقدم للعمل.^[٦]