ما سبب عنف الأطفال وعدوانيتهم؟

يُعرَّف عنف الأطفال على أنه نوبات من الغضب أو الضرب أو الركل أو العض، وهي مواقف صادمة قد تدمر ممتلكات الطفل أو ممتلكات الآخرين، وقد يكون عبارة عن نوبات خفيفة وهادئة كالهجمات اللفظية، ومحاولات السيطرة على الآخرين عن طريق التهديد أو العنف، وقد يكون عدوان الأطفال أحد أعراض العديد من المشاكل المختلفة، كالحالات النفسية، والمشاكل الطبية، أو الاضطرابات الناتجة عن ظروف الحياة والظروف الأسرية، ولذلك تعد الخطوة الأولى لعلاج هذه الآفة هي تحديد السبب والمحفز لها.^[١][٢]

الأسباب المادية لعنف الأطفال

هنالك العديد من الدراسات التي قد أثبتت أن الأطفال الناشئين في أُسر تُعاني من الفقر يتعرضون أكثر بـ 7 مرات لإيذاء أنفسهم أو التورط بجرائم عنيفة أو سلوكيات مؤذية للآخرين، وترتبط هذه الآفة ارتباطًا مباشرًا بأهمية توفير الخدمات الأساسية التي يحتاجها الأطفال؛ كالتعليم والسكن والصحة وغيرها من الاحتياجات، وقد أظهرت بأن الفقر عامل رئيسي في ازدياد أعداد الأطفال والمراهقين الذين يسلكون طرقاً عدوانية، وفيما يلي نوضح الأسباب الرئيسية المتعلقة بالحالة المادية والتي تؤدي لعدوانية الطفل:^[٣][٤]

• يؤثر الفقر تأثيرًا سلبيًا على نمو الطفل المبكر، وكذلك على الصراعات ما بين الوالدين أو الانفصال فيما بينهما، وهذا يؤدي بالتالي إلى تفاقم حجم الضرر على النمو النفسي والاجتماعي والرفاهي للطفل.
• عدم تمتع الطفل بحقه في التعليم جراء الفقر، إضافةً للفرص الثانوية الترفيهية له، أو رداءة جودة المدراس التي يدرس بها، قد تؤدي هذه العوامل جميعها إلى تغيير سلوك الطفل للسلوك العدواني.
• تعرض الأزمات المالية الطفل والمراهق لضغوطات كثيرة تُعيق من قدرته على العمل والتعاون بينه وبين أسرته، أو بينه وبين أقرانه أو بينه وبين الأطفال الذين يحملون سلطات.
• تولد الضغوط الاقتصادية والقلق المستمر بشأن تدابير أبسط الأمور الضرورية لاستمرار الحياة، سلوكيات عدوانية ومظاهر عنف عند الأطفال والمراهقين، تنتج جراء الإجهاد الذي يعيشونه.
• يرتبط التنمر الذي يعد ظاهرة من أنواع عنف الأطفال ارتباطًا مباشرًا بالوضع الاجتماعي والاقتصادي، ووفق بعض الدراسات الخاصة فالأطفال الذين يعيشون في مستوى معيشي متوسط إلى جيد يمارسون التنمر وأساليبه العنيفة أكثر من الأطفال الذين يعيشون في أسر فقيرة.^[٥]

الأسباب النفسية أو المعنوية لعنف الأطفال

قد يظهر السلوك العدواني عند الأطفال نتيجة لما يعيشونه في حياتهم اليومية في البيت أو في المدرسة، وقد يظنون أنهم بهذه السلوكيات سيتلقون اهتمامًا أكبر من الأسرة أو المعلمين أو من أقرانهم، وقد يكون العنف المتولد لديهم سببه مشاكل نفسية أو اضطرابات أو مشكلات ذاتية، نذكر في ما يلي أبرز الأسباب التي تولد العنف والعدوانية عند الأطفال:^[٦][١]

• قد تؤدي اضطرابات المزاج إلى العنف والعدوانية عند الأطفال.
• قد يصبح الأطفال المصابون باضطراب ثنائي القطب في مراحلهم الهوسية عدوانيين وقد يفقدون السيطرة على أنفسهم وتصرفاتهم فيكونون مندفعين للغاية.
• عند الشعور بصعوبة بالغة في التأقلم مع عواطفهم، كالصعوبة التي يواجهونها أثناء تعاملهم مع الإحباط، وهذا الشعور غالبًا ما يُرافق الأطفال الذين يعانون من اضطراب طيف التوحد أو إحدى الإعاقات الإدراكية، فهم لا يتمكنون من إصلاح أو وصف الموقف الذي سبب لهم الإحباط، وبالتالي يقودهم التصرف لاستخدام العنف.
• قد يسبب مرض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أو الاضطرابات الأخرى تشتتًا في الانتباه وقصوراً في الفهم، مما يؤدي إلى ظهور سلوكيات عدوانية عند الأطفال، ويتصرفون بسلوكيات غير مقبولة اجتماعيًا في بعض المواقف.
• يقود الشك أو الخوف الطفل إلى الشعور بالغضب أيضًا والذي بدوره يحفزه للتصرف بعنف وعدوانية، وغالبًا يتولد عند الأطفال المصابين بمرض الفصام أو الاكتئاب أو أي أمراض أخرى من أمراض الذُهان.

الأسباب الاجتماعية لعنف الأطفال

قد تظهر سلوكيات عدوانية وعنيفة عند الأطفال في الفترة التي يبدؤون بالدخول فيها إلى المدرسة الابتدائية نظراً لتغير البيئة عليهم ولقلة خبرتهم في مهارات التواصل وبناء العلاقات الاجتماعية، فهم مطورون فقط بالمهارات اللغوية للتعبير عن أنفسهم بالكلمات ليكوّنوا أنفسهم اجتماعيًا، ولكن كما تحدثنا في البداية أن بعض الأطفال قد لا يستطيعون إدراكها وممارستها، وفي ما يلي نذكر أبرز الأسباب الاجتماعية التي تحفز وتحث الطفل على ممارسة العنف:^[٧]

• تعرض الطفل للتنمر أو التهديد بالأذى الجسدي من قبل أي شخص آخر.
• الخلافات والصراعات والظروف العائلية، وعادة يمارس الطفل السلوك العنيف أو العدواني استجابةً للنزاع الأسري، سواء كان بين الوالدين أو بين الإخوة، أو الانتقال إلى منطقة أو مدينة جديدة، أو تعرض أحد أفراد الأسرة لمرض خطير، أو فقدان معيل الأسرة لوظيفته، كل هذه العوامل تضغط على الأطفال ليصبحوا عدوانين.
• اضطرابات التعلم، يعاني العديد من الأطفال والمراهقين من اضطراب تعليمي محدد، كعسر القراءة، أو مشاكل في الكتابة أو الفهم.
• اضرابات نفسية اجتماعية، قد تكون بسبب فطري غريزي، وقد تكون ناتجة عن انهيار القيم المشتركة عمومًا، إضافةً لتغيرات أنماط الأسرة التقليدية لتربية الأطفال.^[٨]
• العزلة الاجتماعية؛ تؤدي هذه الظاهرة إلى زيادة العدوانية عند الأطفال والمراهقين، ويرتبط العنف عند الأطفال بالبطالة الأسرية والنزاع والجريمة والاضطرابات النفسية.^[٨]

أسباب أخرى لعنف الأطفال

علينا أن ندرك جميعًا أن السلوك العنيف والعدواني عند الأطفال سلوك هدّام قد يؤدي إلى عواقب وخيمة إن تُرك دون ضبط، اعتمادًا على الطفل، والأساليب المستخدمة في هذا السلوك، إضافةً للعوامل التي تجذبهم إلى فعل هذا السلوك المنبوذ، وفيما يلي نذكر الأسباب الأكثر شيوعًا لهذه الآفة:^[٩]

• تعرض الطفل لسوء المعاملة سواء كانت، جسدية، أو لفظية، أو جنسية.
• عدم توفير البيئة المنزلية الحاضنة والداعمة للطفل من قبل الآباء والذين لا يشرفون على سلوكياتهم باستمرار.
• الصدمات العاطفية والتوتر المزمن، إثر التعرض لحادث أو موقف صادم أو التعرض لضغط مستمر، مما يولد نوبات من العنف والعدوان.
• التنمر؛ سواء كان الطفل مُتنمرًا أم ضحية للمتنمرين.
• وراثة طابع العنف من العائلة؛ فقد أثبتت العديد من الأبحاث الطبية بوجود روابط وراثية تهيئ الطفل لتبني السلوك العنيف.
• تعاطي المواد المخدرة والمواد الممنوعة.
• متابعة ومشاهدة العنف في وسائل الإعلام والأفلام والبرامج التي تشجع على العنف والعدوان.
• وجود أسلحة في المنزل؛ كامتلاك الآباء للمسدسات أو البنادق أو السكاكين، وهذه الأدوات تستفز الطفل وتجعله أكثر عرضة لاستخدامها.
• ممارسة ألعاب الفيديو العنيفة، والتي تتضمن ألعاب إطلاق النار أو المبارزة بالإيذاء الجسدي، مما يبني في عقل الطفل حافزًا لتطبيقها واقعيًا.
• ضعف الثقة بالنفس وهي من أكثر العوامل التي تؤدي للسلوك العنيف والعدواني عند الطفل.