ما آثار الكذب على المجتمع والفرد؟

لا يوجد تعريف واحد للكذب متفق عليه عالمياً، ولكن بحسب جامعة ستنافورد الأمريكية، فإن أكثر تعريف مستخدم للكذب هو؛ أي تصريح، أو إفادة، أو إخبار معلومة يختلقها شخص لا يؤمن بها ولا يصدقها، مع وجود نية أن يصدقها الشخص الآخر المتلقي لها، ويعرف الكذب أيضاً بأنه أي عمل تواصلي يهدف إلى جعل المتلقي يتبنى أو يستمر في اعتقاد خاطئ.^[١][٢]

آثار الكذب المادية أو الاقتصادية

الفرد هو اللبنة الرئيسية والأساسية في المجتمع، فإذا صلح الفرد صلح المجتمع، والعكس صحيح، وفيما يلي أبرز آثار الكذب الاقتصادية على الفرد والمجتمع:

• كلما زاد الكذب وقلت المصداقية في أي نظام اجتماعي، كالمدرسة، أو الشركة، أو حتى المجتمع، كلما زادت التكاليف المفروضة للضبط، وفرض سياسات ومعايير التحكم التي من شأنها تعديل هذا الخلل، فالكذب أمر مكلف لكل جهة تحاول ضبط نظام معين فيها.^[٣]
• الكاذب عادةً ما يحمل سمعة سيئة بسبب كذبه، الأمر الذي عادةً ما ينعكس سلباً على الأفراد عند بحثهم عن وظيفة جديدة، حيث تلجأ الكثير من الشركات إلى الرجوع إلى المعرفين للحصول على نبذة عن المتقدم للوظيفة، فحينما تكون الانطباعات سلبية عن شخصٍ ما، ذلك سيحول دون حصوله على مبتغاه الوظيفي.^[٤][٥]

آثار الكذب النفسية أو المعنوية

نحن لا ندري أننا عندما نقوم بالكذب أننا نكون بذلك نؤثر على أنفسنا بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، وعلى خلاف الأمراض التي تظهر بشكل ملموس ونقوم بمعالجتها، فإن الآثار النفسية والندبات غير الملموسة قد تكون أصعب، بل وتحتاج زمناً طويلاً للتعامل معها، إليكم أبرز آثار الكذب النفسية والمعنوية:

• الكذب يؤدي إلى ضعف احترام الشخص الكاذب من قبل الأفراد المحيطين به، مما يقود الشخص الكاذب هذا إلى خلل في حكمه على نفسه، وضعف ثقته بنفسه وبالآخرين.^[٦]
• الكثير من الدراسات ربطت بين الكذب وبين وجود تاريخ من إساءة المعاملة للفرد عندما كان طفلاً، أو لأسباب بيولوجية، أو وراثية، أو لوجود مستوى متدنٍ من احترام الذات، أو وجود اضطرابات في الشخصية، أو تعاطي المخدرات.^[٧]
• كثيراً ما يضع الكاذب نفسه في مواقف محرجة لا يُحسد عليها، فقد يقول الشخص العديد من القصص أو الأخبار ليظهر نفسه في صورة معينة، بينما في الواقع يكون من السهل على الآخرين التحقق من ماضيه ومن هذه الروايات المزعومة.^[٧]

آثار الكذب الاجتماعية

تظهر آثار الكذب بشكل جلي على المستوى الاجتماعي، وذلك بسبب ما يتركه الكذب من ندبات سواء على الفرد أو المجتمع على حدٍ سواء، ونوضح آثار الكذب الاجتماعية فيما يلي:^[٨]

• الكذب يضعف الثقة بين الأفراد، ويضعف الروابط والصلات في الشبكة الاجتماعية.
• يؤثر الكذب على السلوك الاجتماعي في المجتمع على المدى الطويل، وحسب دراسة قامت بها جامعة برينستون تمت على عينة من الأشخاص، كانت نتيجتها الاستفادة من الوضع المادي لطرف معين من قبل الاستمرار في الكذب عليه.
• أكدت نتائج دراسة قامت بها جامعة كاليفورنيا، أن الكذب يؤدي إلى المزيد من الكذب، وأن الكذب أمر معدٍ، فكلما زاد اتصالك بشخص كاذب، كلما زاد الخطر بأن تصبح كاذباً بحد ذاتك.^[٩]
• الكذب يقضي على ما يسمى بالفرص العادلة بين أفراد المجتمع، كفرصة الحصول على وظيفةٍ ما، أو اجتياز امتحان معين مثلاً، مما يزيد التباين في المساواة الاجتماعية.^[١٠]

آثار الكذب الصحية

الكذب ليس آفة ذات تأثيرات سطحية أو يمكن المرور عليها بشكل عابر مرور الكرام، بل على العكس تماماً، حيث أشارت العديد من الدراسات بشكلٍ مباشر وملحوظ إلى ارتباط الكذب بصحة الإنسان، نبين ذلك فيما يلي:^[١١]

• في دراسة قامت على مجموعة من الأشخاص طُلب منهم عدم الكذب لمدة عشرة أسابيع، جاءت النتائج لتؤكد أن الأفراد الذين امتنعوا عن الكذب بالفعل اختبروا مشاكل أقل فيما يتعلق بالصحة الذهنية والعقلية.^[١٢]
• اضطراب الشخصية الحدية، فيعد الكذب من السمات الأساسية للأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب، مرافقاً لأنماط طويلة الأمد نسبياً من المشاعر غير المستقرة، مما يؤدي في النهاية إلى وجود وجهات نظر متناقضة لدى الفرد حول نفسه، والافتقار إلى هوية ذاتية متسقة.
• اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، يحصل هذا الاضطراب للأشخاص الذين يكون لهم باع طويل من التلاعب والكذب فيما يتعلق بحقوق الآخرين بهدف استغلالهم، وعادة ما يعودون إلى الكذب مراراً وتكراراً كحلقةٍ مفرغة للحصول على الرضى النفسي، وذلك الأمر الذي يزيد من وضعهم المرضي بشكل أسوأ.
• أفادت دراسة نشرت عام 2007 في المجلة البريطانية للطب النفسي عن وجود اختلافات في بنية الدماغ للأشخاص الذين اعتادوا الكذب، حيث أظهرت النتائج وجود زيادة واسعة النطاق من المادة البيضاء لديهم خلافاً لغيرهم ممن أجري عليهم البحث.