تعد كلمة التربية كلمة لاتينية تعني الانضباط، وتعليم الوالدين والأطفال حلّ المشكلات دون اللجوء إلى العنف، وهو أمر هام ومفيد ليس للأطفال فقط بل للمجتمع ككل، فالسعي لهذه التربية التفاعلية رفيعة المستوى تخلق فرصة لتوضيح إدخال قانون يحظر اللجوء للعقاب البدني من أجل التغيير الإيجابي، وكيفية تعزيز برامج التأديب الإيجابية في ممارسات تربية الأطفال غير العنيفة، وتغيير المفاهيم والمواقف بين الآباء ومسؤولي التربية، ومقدمي الرعاية، وغيرهم من الأفراد الذين يتعاملون مع الأطفال مُباشرةً.[١]


كيفية تربية الطفل دون عنف

إعطاء الوقت الكافي والتحلي بالصبر عند ارتكاب الأخطاء

إن ضرب الأطفال وتعنيفهم لسلوك سيئ وخاصةً العدواني منه سيوصل رسالة مشوشة للطفل، إذ سوف يتساءل لماذا لا توجد هنالك مشكلة إن كان أبويّ أو المسؤولين عني يضربونني ولكن من الممنوع أن يضرب أخاه أو زميله، فإجبار الطفل على البقاء في وقت مستقطع أفضل بكثير من تعنيفه؛ لأن هذا الوقت سيساعد الطفل على تهدئة نفسه، وهذه مهارة حياتية مهمة للغاية، إضافةً إلى حاجة الأطفال لقضاء الكثير من الوقت الإيجابي مع أولياء الأمور والمسؤولين عنهم عند إبعادهم عن موقف ما، إذ سيتعلمون التنظيم الذاتي، والتعبير عن مشاعرهم بالطريقة الصحيحة.[٢]


الحرمان من الامتيازات وكلّ ما يحبه الطفل

والهدف من هذا الأسلوب ليس إجبار الطفل على الخضوع ومعاقبته، بل لمساعدته على اتخاذ قرارات وخيارات أفضل في المواقف المستقبلية، ويتطلب هذا الأسلوب الممارسة، فإن اتخذ قرارًا سيئًا سيدركون أن نتيجة هذا الاختيار خسارة امتياز فيرتبط الفقدان بالسلوك، وعلى المُربي أن يضع مُدة محددة لاستعادة الامتيازات كمضي فترة 24 ساعة، وهي مدة طويلة وجيدة تكفي لتعلم الطفل من أخطائه، ويمكن أن يُحفز الطفل باسترجاع ما يرغب به من امتيازات بالطلب منه القيام بأفعال وسلوكيات إيجابية أخرى.[٢]


التدريب على مهارات جديدة

سيستفيد الأطفال من تعلم كيفية حلّ المشكلات وإدارة عواطفهم وتعديلها، وعند تعليمهم هذه المهارات ستقل مشاكل السلوك لديهم، لذا ننصح المُربين باستخدام الانضباط الذي يهدف إلى التعليم وليس العقاب؛ لأن استخدام العنف مع الطفل كرد فعل لسلوكه الغاضب لن يعلمه الهدوء في المرات القادمة التي يشعر بها بالضيق والانزعاج، ولن يتصرف بالوجه الصحيح في المواقف القادمة.[٢]


المكافأة على السلوكيات الحسنة

فبدلًا من تعنيف الطفل على سوء سلوكه، كافئه على حسن سلوكه؛ فمثلًا إن كان الطفل كثير الشجار مع أشقائه وأصدقائه، فقم بتجهيز مكافأة لتحفيزه كي يتعامل معهم بطريقة أفضل وألطف، حيث قد تؤثر المكافأة أو الحافز على التصرف لمعالجة السلوك بسرعة، وتساعد الهدايا الأطفال على التركيز بما يحتاجون إلى القيام به لاكتساب المزيد من الامتيازات بدلًا من السلوك السيئ الذي يجب أن يتجنبوه.[٢]


استخدام أسلوب الشرح وليس الفرض فقط

من الضروري الشرح للطفل عن سبب الأمر والنهي في التربية، ويجب معاملة الطفل على أنه شخص يستطيع أن يفهم ويُفكر ولا ينظر إليه على أنه يجب أن يُطيع، فمثلًا نشرح له إن فعل بعض السلوكيات سيجعل إخوته أو أصدقائه فرحين، وإن اعتذر فسيكون في حالة أفضل، وبهذه الطريقة يُساعد المُربي في تشكيل شخصية الطفل الصحيحة، وسيمنحه فرصة لاختيار المزيد من السلوكيات الخيّرة بدلًا من أمره لتنفيذ القواعد.[٣]


إعطاء مساحة جيدة لحل مشكلات الأطفال فيما بينهم والتدخل كوسطاء في المصالحة

في البداية بالتأكيد عند ترك الأطفال لوحدهم دون توجيه سيتمكن الطفل الأقوى والأعند من السيطرة في المواقف أكثر من الطفل الأضعف، ولكن التدخل البسيط في الصراعات فيما بينهم أمر هام في البداية، فمثلًا إن كان يلعب الطفل مع إخوته أو مع أصدقائه بلعبةٍ ما؛ فعلى المٌربي أن يوجهه ويتحدث معه بشأن دور زملائه أيضًا، وتحذيره أنه إذا لم يلعب بهذه الطريقة ستُصادر هذه اللعبة وتبعد عنه، وبهذا سيتوصل الأطفال في وقت لاحق إلى اتفاق دائم بينهم دون تدخل من المربين.[٣]


استخدام العاطفة والطلب من الطفل بوضع نفسه مكان من يتَعرض له بالإساءة

يجب أن يتعلم الطفل احترام الجميع، وعدم معاملة أي شخص على أنه غير مهم ويمكن أن يتجاوز عنه في إساءته، وتعليمه قيمته وقيمة الآخرين، فإن أخطأ الطفل بحق أي شخص كان من واجب المربي أن يساعده ويقول له "ضع نفسك مكان هذا الشخص الذي عاملته هذه المعاملة السيئة، هل تحب أن يفعل أيّ أحد بك ذلك؟"، وذلك دون اللجوء لتعنيف الطفل لأن ذلك سيزيد الأمر سوءًا.[٣]


الثناء على السلوكيات الحسنة

يمكن الحدّ من المشكلات السلوكية للطفل عند رؤية المربي أنه يلعب مع أشقائه وأصدقائه بطريقة جيدة، ويشير إلى ذلك ويمدح الطفل بأنه يقوم بعمل جيد في المشاركة والتعاون اليوم، وإعطاء أكبر قدر من الاهتمام والثناء على الأطفال الذين يتبعون القواعد ويتصرفون بسلوكيات جيدة، وعند تحسن سلوك الأطفال الأقل التزامًا؛ ينصح بمدحهم والثناء عليهم كنوع من أنواع التشجيع بدلًا من التوبيخ.[٢]


وضع عقوبات منطقية

وهذه الطريقة تساعد الأطفال الذين يعانون من مشاكل سلوكية معينة، إذ ترتبط هذه العقوبات مباشرةً بسوء السلوك، فمثلًا إن كان الطفل لا يتناول عشاءه فينصح ألا يسمح له بتناول وجبته الخفيفة قبل النوم، فهذا الربط للنتيجة بشكل مباشر بمشكلة السلوك يساعد الأطفال على رؤية عقوبات اختيارهم قبل حدوثها، وبالتالي سيلتزمون بالأوامر دون نقاش بدلًا من توبيخهم أو استخدام العنف اللفظي في مثل هذه الحالات.[٢]


تجاهل بعض السلوكيات السيئة التي تندرج تحت الحالة المتوسطة

فالتجاهل الانتقائي أي الذي يتخذه المُربي في الأوقات التي يراها مناسبة تعد أكثر فعالية من الصفع، وننوه إن كان الطفل يفعل سلوكيات خطرة أو غير مناسبة فيجب على المربي الانتباه لها، ولكن يمكن اتخاذه عند محاولة الطفل للفت الانتباه بشأن أمور مرفوضة وغير ضرورية، فمثلًا إن حاول الطفل لفت النظر بواسطة التذمر أو الشكوى، فلا تعطيه اهتمامًا وتظاهر بأنك لا تسمعه ولا تستجيب حتى يتساءل بلطف أو يتصرف بطريقة أفضل حينها أعد الانتباه له، إذ سيتعلم بهذه الطريقة أن السلوك المهذب هو الطريقة الوحيدة لتلبية احتياجاته ورغباته.[٢]


أساليب التأديب الإيجابي دون عنف

فيما يلي ذكر لبعض أساليب التأديب الإيجابي:[٤][٥]

  • تهيئة البيئة المحيطة بالطفل عن طريق إزالة أو التقليل من الإغراءات التي تؤدي إلى سوء السلوك، ويطلق على هذا الأسلوب حماية الأطفال من البيئة، وهو مناسب للأطفال وخاصةً صغار العمر.
  • اللجوء للهدوء، والتواصل البصري، والصوت المنخفض لتربية الهدوء وتعليمه للأطفال، فعند إزعاج الأطفال قد ينفعل المربي ويستجيب بصوتٍ عالٍ وبلهجة عدوانية وعلامات تُشير إلى التوتر الجسدي والغضب، وهذا الأمر يجعل عملية التربية أكثر سوءًا.
  • استخدام اللمس اللطيف كنوع من استعادة النظام لحياة الأطفال؛ كالتربيت على الكتف بلطف، أو تهذيب الشعر، أو تدليك الظهر، إذ تحمل اللمسة اللطيفة في طيّاتها الكثير من القوة التي سيتغاضى عنها الطفل ولن يظهرها.
  • إعطاء الطفل أكثر من خيار وجعله يقرر، شريطة أن يكون الخياران مقبولان بالنسبة للمربي وما يراه مناسبًا، فمثلًا نخيره بأمر التدرب قبل العشاء أو الانتظار للقيام به بعد العشاء، أي وقت تفضل؟ أمّا عدم التمرين ليس خيارًا أبدًا.
  • التوقف عن الكلام مع الطفل لبعض الوقت وعدم الرد عليه، سيجعل هذا الأسلوب الطفل مدركًا لارتكابه أخطاء فادحة لن يكررها.
  • الحزم والجدية في الحديث مع الطفل، إن كان الطفل يتصرف بطريقة سيئة، يجب على المربي أن يكون حازمًا في التعامل معه لبعض من الوقت، وسيعلم حينها أن هذا الرد نتيجة لسوء سلوكه، إذ سيحاول فيما بعد الاقتراب ليرى الجوانب اللينة منك وسيدرك خطأه.


نصائح تربوية لتربية الأطفال 

فيما يلي بعض النصائح التربوية لتربية الأطفال:[٦]

  • امنح أطفالك الاهتمام وكامل انتباهك عندما يتحدثون معك، حيث يعد التواصل الجيد مع الأطفال أمرًا ضروريًا لتحقيق سعادتهم ونجاحهم، لذا اترك كل ما يشغلك من أمور وأصغِ جيدًا لما يريدون قوله، وسوف تستجيب لهم بجدية مما يجعل الأطفال أكثر تواصلًا معك.
  • علّم أطفالك إدارة عواطفهم، فعند تنظيم عواطف الأطفال سيزيد من نسب تركيزهم بطريقة أفضل، وهذا التركيز يعد أمرًا ضروريًا للغاية لنجاحهم على المدى الطويل، وسيتمتعون بصحة بدنية أفضل من غيرهم، ويتم هذا الأمر في التعاطف مع الأطفال والشرح لهم بأن مشاعرهم مقبولة، واعترف بتقدمهم، وأظهر الإدارة العاطفية التي تملكها لتكون قدوة لهم.
  • شجع أطفالك على مساعدة الآخرين وأن يكونوا كرماء معهم، فهذا سيشعر الأطفال بأن حياتهم لها مغزى وهدف عند إحداثهم أي اختلاف أو فرق في المجتمع عند التطوع، ومساعدة أصدقائهم وعائلاتهم، إضافةً إلى أن الكرم يعزز شعور الأطفال بالسعادة عند تقديمهم الطعام للآخرين، وعند تبرعهم بالمكافآت أو الممتلكات التي تخصهم للآخرين.
  • امنح الأطفال وقتًا إضافيًا للعب، ونشير في هذه النقطة إلى وقت اللعب المنظم الذي يتم في الهواء الطلق وليس على ألعاب الفيديو والإنترنت، فاللعب يعد أمرًا ضروريًا لتعلم الأطفال ونموهم، وكلما قلّ الوقت الصحيّ للعب زادت احتمالية تعرضهم لمشاكل متعلقة بالنمو، إذ تتعلق تعلقًا مباشرًا بالصحة الجسدية والعاطفية والنفسية والاجتماعية.
  • ضع حدودًا منطقية لأطفالك، وبهذه الميزة يتربى الأطفال بثقة ونجاح، عدا عن بناء علاقة وثيقة وأكثر تفاهمًا معهم، فالأطفال يحتاجون إلى وضع حدود للاستفادة من إمكانياتهم أكثر من أن تكون أكثر تحكمًا بهم، إذ يجب عليك وضع مبادئ وقوانين، وأن تكون حازمًا على تنفيذها.


أثر العنف في تربية الأطفال

يتسبب العنف في تربية الأطفال بالعديد من المخاطر والآثار المترتبة على الطفل مباشرة، نذكر منها ما يلي:[٧][٨]

  • القلق والاكتئاب المستمر.
  • اضطرابات في الأكل والنوم.
  • إيذاء النفس جسديًا أو نفسيًا.
  • الاضطراب العاطفي وصعوبة إدارة المشاعر.
  • الآثار الجسدية؛ مثل الصداع وآلام المعدة.
  • صعوبة في إدارة التوتر، وتفريغ القلق بسلوكيات سيئة.
  • اللجوء إلى ظاهرة التنمر، أو يصبح الطفل أحد أهداف التنمر.
  • عدم احترام الذات، واحتقار النفس وعدم تقديرها في المجتمع.
  • العدوانية اتجاه الأصدقاء والزملاء في المدرسة.
  • الشعور بالذنب أو لوم نفس الطفل على تعنيفه.
  • عدم القدرة على تكوين أيّ علاقات إيجابية.
  • صعوبة في التركيز والإدراك.
  • العجز الدائم أو الجزئي.
  • سلوك حوادث إجرامية.
  • عدم التعاطف مع الآخرين أو مراعاة مشاعرهم.
  • عدم القدرة على مواجهة العنف والتصدي له في المستقبل.
  • تعاطي المواد الممنوعة؛ كالمخدرات والكحول وغيرها.
  • يلجأ الطفل إلى استخدام العنف ليسيطر ويتلاعب بالعلاقات مع الآخرين.


المراجع

  1. "Raising Children Without Violence is Possible: How Positive Discipline Leads to Change and Benefits Society", savethechildren, Retrieved 2/6/2021. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح خ Amy Morin, LCSW (17/9/2020), "8 Ways to Discipline Your Child Without Spanking", verywellfamily, Retrieved 2/6/2021. Edited.
  3. ^ أ ب ت "Raising children without violence: 7 practical tips to communicate peace", familyandmedia, Retrieved 2/6/2021. Edited.
  4. "25 Nonviolent Discipline Options", suzukiassociation, Retrieved 2/6/2021. Edited.
  5. "10 NON-VIOLENT POSITIVE DISCIPLINE IDEAS", superbabyonline, Retrieved 2/6/2021. Edited.
  6. "How to Raise a Happy, Successful Child: 25 Tips Backed by Science", daniel-wong, Retrieved 3/6/2021. Edited.
  7. "The effects of domestic and family violence on children and young people", nsw, Retrieved 3/6/2021. Edited.
  8. "https://www.nrf.ac.za/content/effects-violence-children", nrf, Retrieved 3/6/2021. Edited.