العنف ضد المرأة: مفهومه، وأسبابه، وأكثر

تعد المرأة أساس التنمية المستدامة وتنوع الحياة والأدوار في الأسرة والمجتمع، فهي الزوجة، والأم، والمسؤولة، ومديرة دخل الأسرة، عدا عن أنها رائدة الأمة، حيث تشكل النساء نصف عدد سكان العالم، وما تُقدر نسبته كذلك 50% من الموارد البشرية، وهي مورد بشري يتمتع بإمكانيات كبيرة، وتشير بعض التقديرات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية إلى أن ما تُقدر نسبته 30% من النساء في جميع أنحاء العالم قد تعرضن للعنف بأشكاله المختلفة، والذي يمكن أن يؤثر سلبًا على صحة المرأة الجسدية، والعقلية، والإنجابية.^[١][٢]

العنف ضدّ المرأة

عرَّفَتْ الأمم المتحدة العنف ضدّ المرأة بأنه أي عمل من أعمال العنف القائم على نوع الجنس، وقد ينتج عنه أو قد يؤدي إلى أيّ أذى أو معاناة جسدية أو جنسية أو عقلية للمرأة، ويشمل هذا العنف التهديد بمثل هذه الأفعال، إضافةً إلى الإكراه، أو الحرمان التعسفي من أي شكل من أشكال الحرية سواء أكانت هذه الحرية تتعلق بحياة المرأة الخاصة أو العامة، بالإضافة إلى الإيذاء النفسي وممارسة سلوكيات التحكم.^[١]

أسباب العنف ضدّ المرأة

هنالك العديد من العوامل التي قد تساهم وتشجع على هذه الآفة السيئة، والتي لا نعدها مبررًا لها ولمرتكبيها، ومنها ما يلي:^[٣][٤]

• انتشار الممارسات التقليدية أو العُرفية على مستوى واسع في المجتمع، مما يخلق بيئة يسود فيها العنف ضدّ المرأة المستسلمة أو المُبررة.
• قيام الذكور بالسيطرة على صنع القرار الاجتماعي والاقتصادي واحتكاره لهم.
• وجود المجتمعات التي لا تُقدر مشاركة المرأة وتمثيلها، إضافةً إلى وجود الكثير من الاختلافات الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية القوية بين الرجل والمرأة.
• منْع النساء من الدعم وكافة الآليات القائمة على تقديمه، وافتقار المجتمعات للمساحات الآمنة للنساء والفتيات التي تتيح لهن التواصل بحرية، وتنمية شبكاتهن الاجتماعية، مما يساهم في العنف ضدّ المرأة وتفاقم آثاره.
• قيام البعض بتبرير العنف ضد المرأة على أنه يحدث بسبب عوامل خارجية؛ كالإجهاد والغضب والدوافع الجنسية على سبيل المثال، وعدم تحميل المسؤولية الكاملة للمُعنف جرّاء حدوث السلوك العنيف.
• التقليل والتحقير من آثار العنف؛ فالعنف ضدّ المرأة برأي البعض أمر غير خطير بما يكفي لاتخاذ النساء إجراءات تتيح لهن استرجاع حقوقهن أو معاقبة الغير نتيجة تعرضه لها.
• قيام البعض بتحميل الذنب ونقل اللوم الناتج عن العنف من الجاني إلى الضحية، وتحميل النساء المسؤولية الجزئية لعدم إجرائهن أي فعل لمنع إيذائهن.
• وجود عوامل اقتصادية؛ كالافتقار إلى الموارد الاقتصادية، إضافةً إلى تأثير البطالة والفقر على الرجال لرغبتهم في تأكيد رجولتهم بوسائل عنيفة، والعديد من العوامل المالية التي تجعل النساء أكثر عرضة للعنف.^[٥]

أشكال العنف ضدّ المرأة

يعد العنف ضد المرأة من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا في العالم، ويحدث كل يوم مرارًا وتكرارًا في كل مكان في العالم على الرغم من حجم تأثيره الكبير على حياة الأفراد والأسرة والمجتمع ككل، وفيما يلي توضيح لأشكال وأنواع هذه الآفة، وما يندرج منها من سلوكيات وممارسات:^[٦]

• العنف المنزلي: ويطلق على هذا النوع مصطلح آخر وهو عنف الشريك، حيث يُعد نمطًا من السلوك يستخدم للحفاظ على السلطة والسيطرة من قبل شريك الزوجة، وتشمل جميع السلوكيات الجسدية، والجنسية، والعاطفية، والنفسية، أو أيّ تهديدات بأي أفعال قد تؤثر على الزوجة، ويعد هذا النوع أحد أكثر أشكال العنف شيوعًا في العالم.
• العنف الاقتصادي: ويقصد بهذا النوع جعل المرأة أو المحاولة في جعلها معتمدة ماليًا غير مستقلة من خلال السيطرة التامة على الموارد المالية، وحجب حصولها على المال، أو منعها من الذهاب إلى الدراسة أو العمل.
• العنف النفسي: يتضمن هذا النوع إثارة الخوف من خلال الترهيب؛ كالتهديد بالإيذاء الجسدي، أو تهديد المرأة بإيذاء أطفالها أو شريكها إن لم يكن هو الجاني، أو تدمير ممتلكاتها، أو إجبارها على الانعزال عن عائلتها أو أصدقائها أو زملائها في العمل.
• العنف العاطفي: يعمل هذا النوع على هدم إحساس المرأة بقيمة ذاتها من خلال النقد المستمر، والتقليل من شأن قدراتها، أو إطلاق الشتائم عليها والإساءة بها لفظيًا، أو الإضرار بالعلاقة بينها وبين أطفالها من خلال منعها من رؤيتهم.
• العنف الجسدي: يشمل هذا النوع من العنف إيذاء المرأة أو محاولة إيذائها عن طريق الضرب، أو الركل، أو الحرق، أو القرص، أو الدفع، أو الصفع، أو نتف الشعر، أو العض، أو الحرمان من الرعاية الطبية، أو استخدام أي القوة بدنية أخرى.
• العنف الجنسي: يتضمن العنف الجنسي إجبار المرأة على المشاركة في فعل جنسي لا توافق عليه.

العوامل المرتبطة بالعنف ضدّ المرأة

فيما يلي أبرز العوامل الخطرة المرتبطة بالعنف ضدّ المرأة:^[٧]

• ارتكاب أعمال العنف نتيجة تعرض الجاني للإيذاء في مرحلة الطفولة أو مشاهدته لعمليات العنف.
• انخفاض مستويات التعليم، الأمر الذي يجعل الذكور يرتكبون العنف مستقبلًا، وتقبل الإناث لهذا العنف.
• محدودية الفرص الاقتصادية؛ فالذكور العاطلين عن العمل هم أكثر الفئات التي ترتكب العنف ضدّ المرأة.
• سيطرة الذكور على صنع القرار.
• تهميش عضوية النساء واستبعادها.
• إفلات مرتكبي العنف من العقاب.
• التفاوتات الاقتصادية والتعليمية والثقافية بين الشريكين.
• الصراعات والتوتر داخل الأسرة الواحدة أو بين الشريكين.
• بعض التقاليد والممارسات التي تتسامح مع عنف الذكور.
• محدودية الأُطر التشريعية والسياسية لمنع العنف والتصدي له.
• قلة الوعي بين مقدمي الخدمات والجهات الفعالة في مجالات تنفيذ القانون والقضاء.
• الزواج القسري.

آثار العنف ضدّ المرأة

الآثار الصحية والنفسية والاجتماعية على المرأة

فيما يلي بعض الآثار السلبية الناتجة عن العنف ضدّ المرأة:^[٨]

• التعرض لمشاكل صحية بدنية وعقلية نتيجة العنف.
• صعوبة في النوم والتعرض للكوابيس والقلق.
• تعرُض المرأة الحامل للعنف الجسدي يؤدي إلى إيذاء كل من الجنين والمرأة، بالإضافة إلى الإيذاء النفسي لها.
• الشعور بالصداع النصفي، ومتلازمة القولون العصبي، وآلام مزمنة، ومشاكل في جهاز المناعة، ومشاكل قلبية، ومشاكل في الجهاز الهضمي كقرحة المعدة، والعديد من الأمراض.
• التعرض للاضطرابات نتيجة الصدمة؛ كالدهشة، والتوتر المزمن، وصعوبة في النوم، ونوبات من الغضب.
• الاكتئاب والقلق، وقد تصبح هجوميةً جرّاء الخوف الكامن في نفسها بسبب العنف الذي تتعرض له.
• خسارة العمل في الكثير من الأحيان نتيجة العنف الشديد، وعدم قدرة المرأة على الاستمرار به.
• التشرد والبحث عن مسكن آخر آمن بعيدًا عن المكان الذي تلقت به العنف.
• الإجبار على البقاء مع الجاني إن كان شريكها خوفًا من فقدان أطفالها وحرمانها منهم.

آثار العنف ضدّ المرأة على الأطفال

فيما يلي العديد من الآثار السلبية التي تظهر على الأطفال نتيجة تعرض المرأة للعنف:^[٩]

• يؤثر العنف ضدّ المرأة على أسرتها وأطفالها، حيث يصاب الأطفال بصعوبة في النوم، وعدم حصولهم على درجات عالية في المدرسة، ومواجهة الصعوبات في تكوين الصداقات، بالإضافة إلى تعرضهم لمشاكل مع القانون خاصة في مرحلة المراهقة.
• يجعل العنف ضدّ المرأة الأطفال الذكور أكثر عنفًا مستقبلًا من غيرهم من الذكور، والأطفال الإناث أكثر تقبلًا وانصياعًا للعنف ضدهن.
• يتعرض الأطفال الذين يشهدون أعمال العنف في الأسرة للإصابة بمشاكل صحية خطيرة؛ كالاكتئاب والقلق، إضافة إلى مرض السمنة، والقلب، والسكري، وضعف الثقة بالنفس والعديد من المشاكل الأخرى.

كيفية الحدّ من العنف ضدّ المرأة

فيما يلي العديد من النقاط التي تحمل بعض الآمال في الحدّ من هذه الآفة:^[١٠]

• الابتعاد عن لوم الضحية وتحميلها الذنب.
• تثقيف أفراد المجتمع عن هذه الظاهرة، والبحث في جميع أشكال العنف.
• التعرف على الحدود الصحية بين العلاقات، وتشجيع المرأة في التعبير عن مشاعرها.
• تبليغ الجهات المعنية عند مشاهدة أحد أشكال العنف ضدّ المرأة.

حقائق ومعلومات حول العنف ضدّ المرأة

حملات وقف العنف ضدّ المرأة

فيما يلي بعض المعلومات المتعلقة بذلك:

• تم تعيين يوم عالمي ودولي لمناهضة العنف ضدّ المرأة في كل سنة يوم 25 نوفمبر.^[١١]
• تأسست العديد من المنظمات والمؤسسات التي ترفض العنف ضدّ المرأة وتساعد العديد من الضحايا مثل؛ لجنة رابطة المحامين الأمريكية المعنية بشأن العنف المنزلي، ومعهد آسيا وجزر المحيط الهادئ للعنف المنزلي، وفرقة العمل الآسيوية ضد العنف المنزلي، ومشروع عدالة النساء المعنفات (BWJP)، ومركز العنف المنزلي - جامعة كولورادو دنفر.^[١٢]

حقائق أخرى عن العنف ضدّ المرأة

وفيما يلي نذكر بعض الحقائق الصادمة عن العنف ضدّ المرأة:^[١٣]

• تقتل 137 امرأة على يد شريكهن أو أحد أفراد أسرتهم جرّاء العنف ضدهن كلّ يوم في العالم.
• يرتكب الذكر ما تبلغ نسبته 38% من جرائم قتل النساء عالميًا.
• يتم تزويج 15 مليون فتاة تحت سن 18 عامًا في كل عام، أي 28 فتاة في كل دقيقة.
• تتعرض 150 مليون فتاة في العالم كل عام للعنف الجنسي، وقد يكون الجاني أحد أفراد أسرتها.
• تتعرض واحدة من كل 4 نساء للعنف الجسدي أو الجنسي أثناء الحمل.
• يعد العنف المنزلي مشكلة عالمية تؤثر على 35٪ من النساء في جميع أنحاء العالم.