يُعرَّف مصطلح "عمالة الأطفال" على أنه: أي عمل يحرم الأطفال من عيش طفولتهم وحرمهم من إمكانياتهم وكراماتهم، ويضر بعملية نموهم البدني والعقلي، إضافةً إلى تضررهم عقليًا أو جسديًا أو اجتماعيًا أو أخلاقيًا، ويمنعهم من التعليم بحرمانهم من الذهاب إلى المدرسة وإجبارهم على تركها، أو الضغط عليهم لمحاولة التوفيق بين حضورهم هنا وهناك، وتخلتف الآثار المترتبة على هذه الظاهرة اعتمادًا على نوع العمل وعمر الطفل وعدد ساعات العمل والظروف التي يعيش بها لاضطراره للجوء إلى هذه الظاهرة.[١]


آثار عمالة الأطفال المادية

تعد عمالة الأطفال سبباً ونتيجة لنقص النمو الاقتصادي، بل وتعيق من النمو الاقتصادي في المستقبل لتأثيرها السلبي على نمو الأطفال، وتعمل على خفض أجور الأيدي العاملة غير الماهرة وتثبط من تبني مهارات عالية الكفاءة، وتعد إحدى القضايا المتعلقة بمجالي الحقوق والتنمية الاقتصادية، بحسب آخر الدراسات يعمل ما يقدر عدده 264 مليون طفل في العالم، ويحتل ما تقدر نسبته 64% من الأطفال شواغر في أنشطة تتوافق مع التعريفات القانونية لعمالة الأطفال، وفيما يلي ندرج أبرز الآثار المادية الناتجة عن عمالة الأطفال:[٢]


على الفرد

  • تؤثر عمالة الأطفال على نمو الطفل لتأثيرها المباشر على تعليمه وصحته، فوقته الضيق ما بين دوام المدرسة ودوام العمل سيدفعه بالتأكيد للمفاضلة بين هذين الوقتين، وتحت تأثير هذا الضغط تنتج عواقب صحية عقلية للطفل وخصوصًا أثناء مرحلة البلوغ، إضافةً لتأثير نوع العمل أيضًا إن كان محفوفًا بالمخاطر الضارة للطفل، فكل هذه العوامل يبقى تأثيرها على المدى الطويل لأنها تؤثر على قدرة الجيل الجديد، مما يعيق من النمو الاقتصادي لاحتياج الفرد للعلاج وعدم قدرته على العطاء بالقدر المطلوب.
  • تقلل عمالة الأطفال من الوقت المتاح للطفل والدراسة، وتشيح باهتمامه عنها، فعند مقارنتنا بنشوء طفلين متكافئين في نوعية التعليم المُقدمة، ويملكان مقاييس أداء مُتطابقة، أحدمهما يعمل والآخر لا يعمل؛ فستكون درجات الطفل العامل أدنى من الطفل الآخر الذي يستعد للاختبارات وللدراسة، وبالتالي عند العمل بشهاداتهم في المستقبل سينشأ أفراد غير مُتقنين لأعمالهم وبالتالي يكون في هذا إعاقة للنمو الاقتصادي للفرد، عدا عن تراجع صحتهم العقلية والبدنية مما يجعلهم أكثر فقرًا عندما يصبحون بالغين.


على المجتمع

  • تؤثر عمالة الأطفال على أسواق العمل المحلية، فعند توفر عدد من العمال المطالبين بالعمل بأجور محددة يفوق عدد الوظائف الشاغرة؛ سيتنافس العمال وتُخفض الأجور، وكلما زاد عدد الأطفال المؤثرين على الاقتصاد وانخفضتْ أجور الوظائف التي يتنافسون عليها، ستظهر حالة من الفقر، وسيتراكم عدد العاطلين عن العمل مما يزيد من الأوضاع الاقتصادية سوءًا على المدى الطويل.
  • ترتبط عمالة الأطفال مع الأسواق المالية وأسواق رأس المال، وتقلل من التحسينات في التنمية المالية كلما زادت مستوياتها، فالعلاقة ما بين عمالة الأطفال وتطوير الأسواق المالية علاقة وثيقة وقوية خاصةً في البلدان الفقيرة التي تضم أسواقًا محدودة النمو والتي تضم نسبة كبيرة من عمالة الأطفال.[٣]


آثار عمالة الأطفال الصحية والجسدية

هنالك العديد من الآثار الصحية القصيرة وطويلة الأجل جراء ظاهرة عمالة الأطفال على الفرد وآثار أعبائها على المجتمع، ومن الجدير بالذكر أن هنالك علاقة قوية بين عمالة الأطفال ونسبة وفيات المراهقين، وتغذية السكان، وانتشار الأمراض المُعدية، واعتمادًا على بعض الدراسات التي استندت إلى المؤشرات الصحية في 83 دولة في العالم لتحديد طبيعة وقوة هذه العلاقة، توضحتْ الآثار التالية:[٤]

  • يعاني معظم الأطفال العاملين من سوء في التغذية، وساعات عمل طويلة وقد يعملون في مهن خطرة، ويتلقون أجورًا قليلة وقد لا يتقاضونها أحيانًا.
  • تعد عمالة الأطفال مشكلة صحية عالمية؛ فهي تضعف النمو الطبيعي للأطفال.
  • قد يتعرض الأطفال العاملون إلى عجز وعاهات دائمة جراء الإصابات التي قد يتعرضون لها عند عملهم بالمهن الخطرة، كالحروق والكسور وغيرها.
  • تؤثر عمالة الأطفال سلبًا على النتائج الصحية للأطفال أثناء مرحلة البلوغ.


آثار عمالة الأطفال النفسية أو المعنوية

إضافةً للتأثيرات الاقتصادية والصحية والجسدية لعمالة الأطفال، فإن أثرها على الصحة النفسية قوي وكبير، وقد تضمن العالم اتفاقية لعمالة الأطفال لأول مرة عام 1919 ومن ثم أضاف الالتزام الدولي في مادة من مواد حقوق الطفل العالمية والتي شرحت بعض الآثار النفسية التي قد يتعرض لها الطفل إن لم تتم حمايته اقتصاديًا؛ كالضرر بالتطور العقلي والأخلاقي والروحي والاجتماعي، وفيما يلي ندرج أبرز الآثار المتعلقة بهذه الجزئية:[٥][٦]


على الفرد

  • تؤثر عمالة الأطفال مُباشرةً على رفاهيتهم النفسية وتجعل منهم أشخاصًا سلبيين.
  • قد تُعرض عمالة الأطفال المراهقين والأطفال إلى مواقف قمعية لا يتم احترامهم ولا يعطون أبسط حقوقهم، وحتى حاجاتهم النفسية يتم التحكم بها من قِبل صاحب العمل.
  • من المتوقع أن يتعرض أطفال الشوارع الذين يقبلون على العمالة لحالة من الإدمان على المخدرات في مراحل مُبكرة جدًا، نظرًا لاستخدامهم كوسيلة لتجارة المخدرات أو إنتاجها، وجميعًا نعلم العواقب النفسية الوخيمة لهذا الأمر.


على المجتمع

  • قد توجه عمالة الأطفال في بعض البلدان إلى أعمال سيئة كالإتجار بهم، وقيادتهم للعبودية، وهي أن يعمل الطفل عند صاحب العمل لصالحه فقط دون أن يُبدي الطفل رأيه أو موافقته على الأمر وقد يحتجز الطفل بعيدًا عن أسرته ولا يسمح له بالمغادرة أو الرفض، وهذه من أسوأ الآفات التي يمكن أن تنتشر في المجتمع.
  • قد ينضم الطفل عند تواجده الدائم في الشارع إلى جهات إرهابية وتُدربه على المشاركة في نزاعات مسلحة خطرة عليه وعلى المجتمع.
  • من الممكن أن تؤدي عمالة الأطفال إلى انتشار الأنشطة الجنسية التجارية، من خلال استغلال الأطفال جنسيًا وإساءة معاملتهم وإشراكهم في تبادل الأنشطة الجنسية مقابل المال.


آثار عمالة الأطفال الاجتماعية

تشجع بعض ثقافات البلدان على عمالة الأطفال بحجة العمل على تطوير مهاراتهم، ولكن عمالة الأطفال بالتأكيد تهدف لجلب الدخل بسبب الفقر والحاجة، وقد يتعرض الأطفال لعواقب اجتماعية عنوةً عن الآثار التي ذكرناها سابقًا ومنها ما يلي:[٧]


على الفرد

  • تحمل عمالة الأطفال إيذاءات نفسية ولفظية من قبل المجتمع وسوء معاملة عاطفية ونفسية؛ كإلقاء اللوم عليهم، والاعتداءات اللفظة، ورفضهم وعدم تقبلهم، والإذلال، والتنمر وغيرها من الأمور المدمرة لعلاقات الطفل الاجتماعية.
  • معظم الفئة العاملة من الأطفال يكونون مهملين عاطفيًا اجتماعيًا، ومحرومين من الحب الأسري، مما يولد في داخلهم شعوراً بالوحدة والعزلة واليأس.


على المجتمع

  • يتعرض بعض الأطفال العاملين لاعتداءات جنسية أو اغتصابات وتحديدًا الفتيات المراهقات وبالتالي إجبارهن على الحمل المبكر المرفوض من قبل المجتمع بأسره، ومن ثم الإجهاض، وبالنهاية نظرة عامة سيئة اتجاه هؤلاء الفتيات وتفكك أي روابط اجتماعية بينها وبين الآخرين، ووجود أفراد مجهولي النسب يكونون عبئاً على المجتمع لافتقارهم لأهل مسؤولين عنهم، وكذلك الأمر للطفل الذكر إذا عُرف ما تعرض له.
  • يفتقر الأطفال العاملون في المستقبل للمؤهلات التعليمية والمهارات العليا في التواصل والاتصال بمجتمعاتهم لافتقارهم للتعليم ولوقتهم له، مما يؤدي بدوره إلى ضعف الروابط المجتمعية واستمرار حالة الفقر معهم لمدة طويلة.

المراجع

  1. "What is child labour", ilo, Retrieved 14/5/2021. Edited.
  2. Eric V Edmonds, Economic Growth and Child Labor in Low Income Economies, Page 2-10. Edited.
  3. Jamie Gordon1, The Economic Implications of Child Labor, Page 8. Edited.
  4. "The Health Impact of Child Labor in Developing Countries: Evidence From Cross-Country Data", ncbi, Retrieved 15/5/2021. Edited.
  5. M Woodhea, Psychosocial impacts of chil d work: a framework for research, monitoring and intervention, Page 1-17. Edited.
  6. "The worst forms of child labour", ilo, Retrieved 15/5/2021. Edited.
  7. "Causes and Consequences of Child Labour in Ethiopia", ilo, Retrieved 15/5/2021. Edited.