قد يكون تكيّف بعض الأطفال مع الطلاق أمرًا طبيعيًا ويتعاملون معه بشكل متفهم، بينما البعض الآخر قد يواجه صعوبة بسببه، ولكن عند تمتعهم بالمرونة فإنه يمكنهم تجاوز هذه المرحلة،[١] حيث يُعتبر الطلاق فترة صعبة يمر بها أفراد الأسرة والأطفال خاصةً، وإذ يؤدي إلى شعورهم بمشاعر متضاربة من الغضب والقلق إلى ما ستؤول إليه حياتهم الجديدة، ففي هذه المرحلة تكبر حاجتهم للدعم المعنوي والنفسي لمساعدتهم على تجاوز هذه الفترة بأقل الأضرار الممكنة،[٢] وعلى الرغم من صعوبة هذه الفترة على الأطفال إلا أنها من الممكن أن تكون لمصلحتهم وسعادتهم المستقبلية بإبعادهم عن أجواء الخلافات والانفعالات بين الآباء، أما في حال كان الآباء لا يعبرون عما يدور بينهم بأسلوب انفعالي أمام أطفالهم؛ فذلك يؤدي إلى شعور الطفل بأنه السبب في هذا الطلاق، وهنا يظهر أثر كبير على الطفل نتيجة لذلك، ودائمًا ما يتم تقديم النصائح للآباء للتواصل مع الأخصائيين النفسيين للحصول على استشارة قبل إعلام الأطفال بالطلاق.[٣]
كيفية تربية الطفل بعد الطلاق
يجب مراعاة العديد من الأمور عند تربية الطفل بعد الطلاق، ونذكر منها:[٤][٥]
- محاولة تربية الطفل ضمن الأبوة والأمومة المشتركة إن أمكن لمّا لها من تأثير إيجابي على علاقة الطفل بوالديه.
- تقديم الاهتمام والتركيز على الطفل كونه الهاجس الأول لدى الوالدين، وأن له أهمية أكبر من مسببات الطلاق.
- توليد شعور الأمان لديهم؛ لما له من تأثير في مقدرتهم على تجاوز هذه الفترة بأقل الأضرار.
- اتباع سياسة واحدة من قبل الأم والأب لنظام المكافآت للأطفال.
- تأمين بيئة مريحة وآمنة للأطفال لتربيتهم بها، وأن تكون مشتركة بين الأم والأب قدر الإمكان.
- تربية الأطفال على التقاليد والعادات وتحملهم للمسؤولية، وأن يكونوا مسؤولين عن تصرفاتهم وأفعالهم بحسب أعمارهم وقدراتهم الجسدية والإدراكية.
- توفير الأساسيات من ملابس وألعاب وأدوات للنظافة في كل من المنزلين أي منزل الأم ومنزل الأب؛ وذلك لإشعار الطفل بأنه ينتمي إلى المنزلين وعدم إشعاره بأنه ضيف عند أحدهما أو كلاهما.[٦]
أمور يجب تجنبها في تربية الأطفال بعد الطلاق
توجد العديد من الأمور التي يجب الابتعاد عنها أثناء تربية الأطفال بعد الطلاق، ومنها:[٧][٨]
- الابتعاد عن محاولة إثبات أفضلية أحد الأطراف على الآخر، مما يؤدي إلى تشتت الطفل.
- ادعاء المثالية في سلوك الأطفال من قبل أحد الوالدين لإثبات مقدرته على ضبط الأطفال أكثر من الآخر، وهذا السلوك يعود بتأثير سيئ على الأطفال مثل؛ إخفاء الحقيقة.
- الابتعاد عن استخدام الأبناء كوسيلة لنقل المعلومات بين الآباء، وفي حال رغبة أحدهم بإعلام الآخر بأمر ما يجب التواصل المباشر معه وإبعاد الأبناء عن ذلك.
- تجنب طرح المشاكل العائلية أمام الأطفال أو مناقشتها بوجودهم، ويجب احترام الوالدين لبعضهما البعض أمام أطفالهم وعدم التقليل من شأن الآخر وانتقاده.
- تجنب كسر القواعد التي كان يتقيد الطفل بها قبل الطلاق لما يولد لديه حالة من عدم الشعور بالطمأنينة، حيث يفضل الأطفال الالتزام بنظام معيشي معين ومستقر.
- تجنب المبالغة في تعويض الطفل عن الحياة التي خسرها نتيجة الطلاق؛ كأن يبالغ الآباء في التراخي لأبنائهم بتناول كميات كبيرة من الحلوى أو السماح لهم بالحصول على ما يردون والاستجابة لطلباتهم بشكل فوري.[٦]
نصائح تخص تربية الأطفال بعد الطلاق
فيما يلي أهم النصائح التي تتعلق بتربية الأطفال بعد الطلاق:[٢]
- مساعدة الأطفال في التعبير عما يفكرون ويشعرون به.
- استمرارية التواصل مع الأطفال حتى بعد مرور فترة زمنية على الطلاق وتقدمهم في العمر ونضوجهم.
- التحلي بالصبر في التعامل مع الأطفال إلى حين تقبلهم لفكرة الطلاق.
- وجود شخص يثق به الطفل ليعبر له عن مشاعره ويستمع له بصورة مستمرة.[١]
- مراعاة اختلاف مقدرة الطفل على التأقلم مع الحياة الجديدة بمقدرة أطفال آخرين لذلك، وهذا يعود لاختلاف طبيعة كل طفل عن الآخر.[٩]
جوانب أخرى تتعلق بالأطفال والطلاق
تأثير الطلاق على الأطفال
من أهم تأثيرات الطلاق على الأطفال التي يمكن طرحها ما يلي:[١]
- تأثيره على التحصيل الدراسي وتعرض الأطفال للتشتت في التركيز؛ وذلك نتيجة للأحداث المرافقة لمرحلة الطلاق من التغيير في مسار الحياة لديهم وصعوبة مرحلة الانتقال.
- تأثيره على علاقاتهم الاجتماعية؛ ويظهر ذلك من خلال صعوبة تعاملهم مع الغير، حيث يميلون للانطواء وعدم الشعور بالأمان العائلي.
- صعوبة التكيّف مع الحياة الجديدة، حيث يؤدي الطلاق إلى الانتقال لمسار حياة جديد سواء على مستوى الأصدقاء أو التواجد بعائلة جديدة أو قد يكون بتغير المدرسة ومكان السكن.
- تأثيره على حياتهم العاطفية؛ وذلك بإحساسهم المتضارب فيما يشعرون به من ناحية شعورهم بالغضب والقلق وشعورهم بالارتباك والإرهاق من ناحية أخرى.
- فقدان السيطرة على تصرفاتهم وانفعالاتهم؛ وذلك من خلال شعورهم بالغضب اتجاه المحيطين بهم من أسرتهم أو أصدقائهم، وقد يكون هذا التأثير طويل الأمد في حال لم يتم التغلب عليه خلال فترة الأسابيع القليلة بعد الطلاق.
- شعورهم بتأنيب الضمير؛ وذلك لشعورهم عند البحث عن مسببات الطلاق بأنهم هم السبب في ذلك، ويقومون بتحميل أنفسهم مسؤولية الانفصال الذي قد يقودهم إلى الشعور بالاكتئاب والانطوائية.
- ظهور الانحراف والعدوانية في السلوك؛ وقد يكون ذلك عن طريق مشاركتهم في الجرائم أو إدمانهم على التدخين أو تناول العقاقير المضرة بالصحة ويكون تأثيرها سلبي على صحتهم.
- تأثيرها السلبي على صحة الأطفال؛ والذي يظهر من خلال إصابتهم بالأمراض الجسدية أو الدخول في مرحلة الاكتئاب.
- تأثيره على علاقاتهم الخاصة في المستقبل، وعدم شعورهم بالقدرة على تكوين عائلة مستقرة.
كيفية إبلاغ الأطفال بالطلاق
يجب مراعاة عدة أمور عند إبلاغ الأطفال بالطلاق، ونذكر منها:[٢][١٠]
- الانتباه إلى اختيار الكلمات المستخدمة والطريقة المراد إخبار الأطفال بها بالطلاق مسبقًا؛ وذلك لتوقع أي ردة فعل قد تصدر من قِبلهم، والتمكن من الإجابة عن أيّ أسئلة قد يطرحونها.
- تقديم أسباب الانفصال الحقيقة، وأن تكون مختصرة وواضحة بالنسبة لهم.
- التعبير عن استمرارية الشعور بالحب اتجاههم بالرغم من أي شيء.
- إعلامهم بكافة التغيرات التي سوف تحدث نتيجة هذا الانفصال؛ من حيث مكان السكن أو كيفية إدارة المصروفات، وأنه يمكن تجاوز هذه الفترة معًا.
- الابتعاد عن إلقاء أسباب الانفصال على أحد سواء أكانت الزوجة أو الزوج، واحترام كل طرف للطرف الآخر وعدم التقليل من شأنه أمام الأطفال.
- اختيار الوقت واليوم المناسبين لإخبار الأطفال بالانفصال؛ وذلك باختيار مكان هادئ، والابتعاد في ذلك اليوم عن أي التزامات أو مواعيد مهمة.
- اطلاع مربي الطفل في المدرسة بالطلاق ليكون على علم بالظرف الذي يمر به ويأخذ الإجراءات المناسبة من دعمه والوقوف بجانبه في هذه المرحلة.
ردود فعل الأبناء بعد الطلاق
تظهر ردود أفعال مختلفة على الأبناء، وفيما يلي توضيح لعدد منها:[١١]
- تختلف ردود أفعال الأطفال لواقعة الطلاق بحسب فئاتهم العمرية؛ فمثلًا تكون ردود فعل الأطفال الذين تقل أعمارهم عن سنتين باختلاف نظام ومواعيد النوم لديهم، والتعلق المبالغ بأحد الوالدين، بينما قد يعتبر الأطفال دون سنّ المدرسة بأنهم السبب وراء هذا الانفصال، لهذا السبب يجب تقديم التوضيح الدائم لهم بأنهم ليسوا السبب في ذلك، والأطفال في سنّ المدرسة تكون ردود أفعالهم انفعالية بعض الشيء بمحاولتهم البحث عن مسبب الطلاق وتفكيرهم الدائم باحتمالية عودة والديهم لحياتهم الطبيعية، وبالنسبة للمراهقين فتكون ردود أفعالهم بدخولهم بحالة من الاكتئاب لظنهم أنهم سوف يمرّون في نفس هذه التجربة يومًا ما.[١٢]
- تتفاوت ردود أفعال الأطفال؛ فمثلًا الأطفال الذين تكون أعمارهم صغيرة أي أقل من خمس سنوات يتصرفون اتجاه خبر الطلاق بالتجاهل وكأنه سوف ينتهي أو يتم التراجع عنه في حال عدم حديثهم عنه، وفي بعض الأحيان يعبرون عن مشاعرهم بالبكاء، وقد تظهر نتائج الطلاق على صحتهم مثل التبول اللإرادي أو فقدانهم للشعور بالأمان، بينما قد يعبر الأطفال في سن المدرسة عن ردود أفعالهم بطرح العديد من الأسئلة والاستفسارات حول ما ستؤول إليه حياتهم الجديدة من حيث؛ أين ستكون إقامتهم؟ هل سيغيرون مدارسهم أو منطقة السكن؟ والعديد من الأسئلة التي يحاولون بها الوصول إلى حالة من الأمان والشعور بالاستقرار.
- تتنوع ردود الأفعال المتوقعة للأطفال؛ كدخول الطفل في حالة من الصمت وذلك مراعاة لشعور والديه والتحفظ بمشاعره وكتمها لرغبته بعدم لفت انتباههم وشعورهم بالحزن عليه، بينما النوع الآخر من ردود أفعال الأطفال يكون بالانفعال والعدوانية وذلك للتعبير عما يدور بداخله من مشاعر غضب وحزن نتيجة هذا الطلاق، ومن الردود التي دائمًا ما يفضلها الآباء أن تصدر من أبنائهم وهي تفهم هذا الطلاق ومحاولة فهم أسبابه والتعبير عن مشاعرهم وما يفكرون به.
المراجع
- ^ أ ب ت "What Are the Effects of Divorce on Children?", familymeans, Retrieved 1/6/2021. Edited.
- ^ أ ب ت "Children and Divorce", helpguide, Retrieved 1/6/2021. Edited.
- ↑ "انفصال الوالدين ـ نصائح للتخفيف من شعور الأبناء بانهيار عالمهم"، دي وي، اطّلع عليه بتاريخ 2/6/2021. بتصرّف.
- ↑ "Co-Parenting and Joint Custody Tips for Divorced Parents", helpguide, Retrieved 2/6/2021. Edited.
- ↑ بسمه بنت عبدالعزيز حلمي، التعافي بعد الطالق، صفحة 19. بتصرّف.
- ^ أ ب "Parenting Mistakes After Divorce", ourfamilywizard, Retrieved 2/6/2021. Edited.
- ↑ "Discipline Mistakes Divorced Parents Often Make", verywellfamily, Retrieved 10/6/2021. Edited.
- ↑ "الأطفال والطلاق: مساعدة الأطفال بعد الانفصال"، مايو كلينك، اطّلع عليه بتاريخ 10/6/2021. بتصرّف.
- ↑ "10 Effects of Divorce on Children — and Helping Them Cope", healthline, Retrieved 29/6/2021. Edited.
- ↑ "10 Effects of Divorce on Children — and Helping Them Cope", healthline, Retrieved 10/6/2021. Edited.
- ↑ "كيف نعالج مشاكل الأبناء بعد الطلاق؟"، دكتور جاسم المطواع، اطّلع عليه بتاريخ 10/6/2021. بتصرّف.
- ↑ "الأطفال والطلاق: مساعدة الأطفال بعد الانفصال"، مايو كلينك، اطّلع عليه بتاريخ 1/6/2021. بتصرّف.
