العنف ضد الأطفال يتمثل بإساءة معاملة الأطفال من قبل أحد الوالدين أو مقدم الرعاية أو أي شخص بالغ، مما يؤدي إلى إصابة جسديّة أو أذى عاطفي أو إلحاق ضرر جسيم بصحة الطفل، ويتمثل العنف ضد الأطفال بالعديد من أشكال سوء المعاملة، بما في ذلك الإهمال والاعتداء الجسدي والجنسي والاستغلال والاعتداء العاطفي.[١]


العنف ضد الأطفال

إن العنف ضد الأطفال لا يعني فقط العنف الجسدي، حيث يعتبر ذلك شكلاً واحداً من أشكال سوء المعاملة التي يتعرض لها الأطفال من قبل شخص بالغ، وقد يشمل العنف ضد الأطفال كلاً من الإهمال أو التهديد أو التعامل العنيف، وغالباً ما يحدث ذلك في المنزل من قبل والد أو والدة الطفل أو مقدم الرعاية، وقد يتعرض الأطفال أحياناً للعنف من قبل أشخاص آخرين يعتمدون عليهم، مثل العاملين في الحضانات أو المدارس أو المدربين الرياضيين.[٢]


أسباب العنف ضد الأطفال

هناك العديد من الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى تعنيف الأطفال، حيث لا يوجد تفسير واحد أو بسيط، ويمكن أن تشمل أسباب العنف ضد الأطفال ما يلي:[٣]

  • العزلة وعدم توفّر الدعم: عدم وجود أفراد من العائلة أو الأصدقاء أو المجتمع لتقديم الدعم المعنوي لمقدم الرعاية فيما يتعلق بتلبية متطلبات الأبوة والأمومة.
  • الضغوطات: الضغوطات المالية ومخاوف العمل والمشاكل الصحية هي من أسباب التوجه إلى العنف ضد الأطفال.
  • التوقعات غير الواقعية: يزيد استخدام العنف عندما يكون لدى أحد الوالدين نقص في فهم مراحل نمو الطفل وسلوكه.
  • الإعاقة أو المرض العقلي: قد يعاني مقدم الرعاية من إعاقة عقلية تحول دون رعاية أطفاله بشكل مناسب.
  • الافتقار إلى مهارات الأبوة والأمومة: قد لا يعرف الآباء كيفية رعاية أطفالهم وقد يعتقدون بأنه من المناسب استخدام العنف الجسدي المفرط لتأديب أو معاقبة الطفل.
  • تعاطي المخدرات أو الكحول: قد يؤثر الإدمان أو تعاطي المخدرات والكحول على قدرة الوالدين على تلبية احتياجات أطفالهم وتقديم الرعاية المناسبة.
  • تدني الثقة بالنفس: قد يشك الوالدان بقدرتهم على تلبية احتياجات أطفالهم.
  • تجارب عنيفة سابقة للوالدين في مرحلة الطفولة: من الممكن أن يكون قد تعرض الأب أو الأم للعنف الجسدي أو النفسي وهم أطفال من قبل أسرهم، مما قد يتسبب في تطوير عقلية معينة لدى الوالدين وإنشاء حلقة عنف يكون ضحيتها الأطفال.


أشكال العنف ضد الأطفال

يأخذ العنف ضد الأطفال أشكالاً عديدة، وفيما يلي بعض الأنواع المختلفة للعنف ضد الأطفال:[٤]

  • العنف الجسدي: يحدث العنف الجسدي عندما يتعرض الطفل لإصابة جسدية عمداً أو لخطر الأذى من قبل شخص بالغ، مثل الضرب أو حرمانه من أشياء تساعده على التمتع بصحة جيدة.
  • العنف العاطفي: يتمثل العنف العاطفي بالاعتداءات اللفظية التي تعمل على التقليل من شأنه وعدم احترامه أو توبيخه باستمرار، بالإضافة إلى عزل الطفل عن الآخرين أو تجاهله أو رفضه.
  • العنف الطبي: يحدث العنف ضد الأطفال من الناحية الطبية عندما يقوم شخص بالغ بتقديم معلومات خاطئة عن مرض يعاني منه الطفل والذي يتطلب رعاية طبية، مما قد يعرض الطفل لخطر الإصابة أو الرعاية الطبية غير الضرورية.
  • العنف الجنسي: يشمل العنف الجنسي الإساءات الجنسية بكل أنواعها والتحرش بالأطفال من قبل شخص بالغ.
  • الإهمال: يتمثل الإهمال في عدم توفير الغذاء الكافي أو المأوى أو المودة والعطف أو التعليم أو الرعاية الطبية أو الانتباه.


تأثير العنف ضد الأطفال

يؤثر العنف ضد الأطفال تقريباً على جميع مجالات التنمية، والتي تشمل التنمية الاجتماعية والسلوكية والعاطفية والنفسية والجسدية، وجميع هذه المجالات مترابطة، مما يجعل للعنف ضد الأطفال تأثير كبير على كل من الطفل والأسرة والمجتمع ككل،[٥] وفيما يلي توضيح لتأثير العنف ضد الأطفال على أكثر من مستوى:


على الطفل نفسه

  • الآثار الجسدية: قد يتسبب العنف ضد الأطفال بظهور بعض الآثار الجسدية على الفور، بينما قد يستغرق بعضها شهوراً أو سنوات حتى يتم اكتشافها،[٦] ومن الآثار الجسدية التي يمكن أن يعاني الأطفال منها مباشرة هي الكدمات والجروح وكسور العظام والمشاكل الصحية ونقص التغذية أو حتى الموت.[٧]
  • الآثار النفسية: يمكن أن يتسبب العنف بضعف الأداء والمهارات المعرفية لدى الطفل نتيجةً للنمو غير الطبيعي للدماغ، مما يعمل على إضعاف وظائف الدماغ، مثل الذاكرة وضبط النفس والمرونة المعرفية، ومن المرجح أن يؤدي العنف ضد الأطفال أيضاً إلى إضعاف قدرة الطفل على تكوين علاقات إيجابية واجتماعية مع أقرانه في وقت لاحق من حياته.[٦]
  • الآثار العقلية والعاطفية: يُعد التعرض للعنف في مرحلة الطفولة عاملاً من عوامل الإصابة بالاكتئاب والقلق والاضطرابات النفسية الأخرى طوال فترة البلوغ، حيث أثبتت الدراسات أن معدلات محاولات انتحار البالغين الذين تعرضوا للعنف في الصغر أعلى من أولئك الذين كانت طفولتهم طبيعية.[٦]


على المجتمع

يدفع المجتمع ثمناً مقابل تعرض الأطفال للعنف، حيث يمكن أن يتحمل المجتمع تكاليف مباشرة مثل تقديم العلاج في المستشفيات ومدفوعات الحضانة، أو تكاليف غير مباشرة مثل تقديم الرعاية طويلة الأجل وضعف الإنتاجية والأداء الأكاديمي في المدارس والجامعات وزيادة تكاليف أنظمة العدالة الجنائية وسجون الأحداث.[٦]


على الأسرة

بالإضافة إلى تأثير العنف والإهمال على الطفل نفسه، يمكن أن تتأثر الأسرة أيضاً بالقلق وعدم تأكدهم من كيفية تقديم الدعم للطفل الذي تعرض للعنف، في حال كان ذلك من قبل شخص بالغ من خارج الأسرة أو من أحد الوالدين دون علم الآخر، وقد يكون من الصعب التعامل مع سلوكيات الطفل وحالته النفسية، وغالباً ما تبذل العائلات جهداً كبيراً لمعرفة كيفية التأقلم مع الطفل للتخفيف من آثار العنف.[٧]


كيفية الحد من العنف ضد الأطفال

يجب على الآباء والأمهات اتخاذ خطوات مهمة لحماية أطفالهم من الاستغلال والعنف، ولمنع إساءة معاملة الأطفال في المجتمع وذلك بهدف توفير بيئة آمنة ومستقرة لهذه الفئة الضعيفة، وفيما يلي بعض النصائح التي يُمكن اتباعها للحد من العنف ضد الأطفال:[٨]

  • تعرّف على ما هو مناسب وغير مناسب لعمر طفلك: سيساعدك وجود توقعات واقعية لما يمكن للأطفال التعامل معه أو التعرض له في أعمار معينة على تجنب الإحباط والغضب من السلوك الطبيعي لطفلك. على سبيل المثال، قد لا ينام بعض حديثي الولادة طوال الليل دون سماع أصوات تساعدهم على الاسترخاء، ولن يتمكن الأطفال الصغار من الجلوس بهدوء لفترات طويلة من الزمن.
  • قم بتطوير مهاراتك في التعامل مع الأطفال: ابدأ بتعلم تقنيات الانضباط وكيفية وضع حدود واضحة لأطفالك، حيث يمكن أن تتوفر لك هذه المعلومات من خلال دورات أو كتب أو ندوات حول الأبوة والأمومة، ويمكنك اللجوء أيضاً إلى آباء آخرين للحصول على بعض النصائح والمشورة المفيدة.
  • اعتن بنفسك: إذا كنت لا تحصل على قسط كافٍ من الراحة أو إذا كنت تشعر بالإرهاق، فمن المرجح أن يكون أسهل رد فعل على الأشياء هو الغضب، إذ يؤدي الحرمان من النوم، والذي يكون شائعاً عادة لدى الآباء والأمهات لحديثي الولادة، إلى زيادة المزاجية والتهيج.
  • استشر أخصائياً محترفاً: قد يكون كسر حلقة العنف أمراً صعباً للغاية، فإذا لم تستطع إيقاف نفسك من تعريض أطفالك للإساءة والعنف، فقد حان الوقت للحصول على مساعدة من أخصائي نفسي، ويمكن الحصول على المساعدة على شكل علاج أو دروس في تربية الأطفال أو أنواع أخرى من التدخلات الطبية المتخصصة.
  • تعلم التحكم في عواطفك: إذا تعرضت لسوء المعاملة أو الإهمال أو العنف في صغرك، فقد تواجه صعوبة خاصة في فهم مشاعرك وإيصالها للآخرين.


حقائق ومعلومات حول العنف ضد الأطفال

دور المؤسسات والمنظمات الدولية في إيقاف العنف ضد الأطفال

تم تصميم أول خطة عمل عالمية من قبل منظمة الصحة العالمية في مايو 2016 بشأن تعزيز دور النظام الصحي ضمن استجابة متعددة القطاعات للتصدي للعنف، خاصة ضد النساء والفتيات والأطفال، ووفقاً لهذه الخطة، تلتزم منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع الدول الأعضاء والشراكة للعمل على ما يلي:[٩]

  • رصد الحجم العالمي وأسباب العنف ضد الأطفال ودعم جهود الدول لتوثيق وقياس هذا العنف.
  • الحفاظ على نظام معلومات إلكتروني يلخص البيانات العلمية حول عواقب العنف ضد الأطفال وطرق الوقاية منه.
  • تطوير ونشر وثائق إرشادية قائمة على الأدلة، وقواعد ومعايير لمنع العنف ضد الأطفال.
  • دعم البلدان والشركاء في تنفيذ استراتيجيات الوقاية والاستجابة القائمة على الأدلة.
  • التعاون مع الوكالات والمنظمات الدولية للحد من العنف ضد الأطفال والقضاء عليه عالمياً.


حقائق أخرى ونسب حول العنف ضد الأطفال

توصلت العديد من البحوث التي أجريت من قبل المنظمات والمراكز العالمية التي تُعنى بصحة الأطفال ورعايتهم إلى النتائج التالية:

  • كشف تقرير منظمة الصحة العالمية أنه يعاني تقريباً 3 من كل 4 أطفال (أو ما يصل إلى 300 مليون طفل) تتراوح أعمارهم بين 2 إلى 4 سنوات بانتظام من العقاب الجسدي والعنف النفسي من قبل الوالدين أو مقدمي الرعاية.[١٠]
  • حسب بحوث مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (Centers for Disease Control and Prevention)، فإن معدلات العنف ضد الأطفال أعلى بخمس مرات في الأسر ذات الوضع الاجتماعي والاقتصادي المنخفض، كما أشارت الدراسات إلى أن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن عام واحد هم الأكثر عرضة للعنف، حيث يمثلون ما يقرب من نصف وفيات الأطفال بسبب العنف في عام 2018.[١١][١٢]
  • في عام 2018، كان 76% من مرتكبي العنف ضد الأطفال هم أحد الوالدين، كما تم إخراج 62% من الأطفال في دور الحضانة من منازلهم بسبب الإهمال التعسفي، أي أكثر من 160 ألف طفل.[١٢]

المراجع

  1. abuse is when a,abuse, exploitation and emotional abuse. "The Issue of Child Abuse", childhelp, Retrieved 22/5/2021. Edited.
  2. "What is child abuse?", Government of the Netherlands, Retrieved 22/5/2021. Edited.
  3. "What causes child abuse", Queensland Government, Retrieved 22/5/2021. Edited.
  4. "Child Abuse", Mayo Clinic, Retrieved 22/5/2021. Edited.
  5. "What Are the Consequences of Child Abuse to Society?", Technical Assistance Partnership, Retrieved 22/5/2021. Edited.
  6. ^ أ ب ت ث "Long-Term Consequences of Child Abuse and Neglect", Child Welfare Information Gateway, Retrieved 22/5/2021. Edited.
  7. ^ أ ب often have feelings of,-nourishment or even, death "What are the effects of child abuse?", Moray Council, Retrieved 22/5/2021. Edited.
  8. "Child Abuse and Neglect", HelpGuide, Retrieved 22/5/2021. Edited.
  9. "Violence against children", World Health Organization, Retrieved 22/5/2021. Edited.
  10. "Child maltreatment", World Health Organization, Retrieved 22/5/2021. Edited.
  11. "Preventing Child Abuse & Neglect", Centers for Disease Control and Prevention, Retrieved 23/5/2021. Edited.
  12. ^ أ ب "11 FACTS ABOUT CHILD ABUSE", Do Something, Retrieved 22/5/2021. Edited.