يعد مصطلح العولمة مصطلحا عصريًا، ويشترك أصل هذه الكلمة مع كلمة عالميّ، فيأتي بمعنى استحضار عدة صور عالمية ومفاهيم منتشرة إلى مكان واحد، وهي أشبه بتحويل العالم إلى قريةٍ صغيرةٍ، إذ يسهل من خلالها التواصل والتعرف على الحضارات والثقافات الأخرى، وهي تشمل كل التكنولوجيا الحديثة والمتطورة التي ساهمت في تسهيل التواصل ومعرفة الأخبار، كما أنّها تؤدي لزيادة العلاقات وتوثيقها بين الدول المختلفة، ونشر الثقافة وتعزيز التجارة، وتساهم في تعزيز بعض المظاهر الأخرى.[١]


مظاهر العولمة الاقتصادية

يقصد بالعولمة الاقتصادية نشر القيم الغربية في مجال الاقتصاد، مثل الحرية الاقتصادية، وفتح الأسواق، وترك الأسعار للعرض والطلب، وعدم تدخل الحكومات في النشاط الاقتصادي والتجاري، وتفسح هذه العولمة الطريق أمّام التجار وأصحاب رؤوس الأموال في تنمية إيراداتهم المادية، ومن مظاهر هذه العولمة:[٢]

  • اندماج الأسواق العالمية: انتشر تنامي أسواق السلع والخدمات ورؤوس الأموال، وذلك بسبب انتشار السلع بانخفاض الحواجز الجمركية والحواجز غير الجمركية، وساهمت منظمة التجارة العالمية في دمج هذه الأسواق وجعل حركة التجارة أكثر سلاسة.
  • الاندماج المالي: إذ كان واضحًا تزايد المعاملات المالية العابرة للحدود، وذلك من خلال اندماج أسواق الأوراق المالية، والتأمين، وانتشار العمليات المصرفية الإلكترونية، وحرية انتقال الأموال.
  • سياسة التحرر الاقتصادي: ساهم تحرير التجارة والاندماج المالي في انفتاح الأسواق والسلع والخدمات، وقللت نفوذ السلطات والحكومات والدول في الاقتصاد وانخفاض الحواجز الجمركية وتحديد القوانين أمام تجارة الخدمات والاستثمار الأجنبي.
  • التأثير على الدول النامية: يجدر بالذكر أنّه وبالرغم من إيجابيات العولمة الاقتصادية، إلا أنّها كانت في أكثر الأحيان تصب في مصلحة الدول المتقدمة، وتفاقم معاناة الدول النامية، لأنها تفتقر إلى الإمكانيات التقنية والاقتصادية التي تؤهلها للدخول في منافسة الدول المتقدمة والقوية.


مظاهر العولمة السياسية

تقوم مظاهر العولمة في أساسها على ضمان حريات الشعوب، وضمان حقوقهم، ومن المظاهر التي تشملها العولمة السياسية:[٣]

  • العدالة: إذ تُسقِط مفاهيم العولمة السياسية كل النظم الديكتاتورية والظالمة، وقد تم الاستدلال على ذلك من خلال الدول التي كان ينتشر فيها الظلم وهضم الحقوق لفئة الأقليات أو غيرهم، أنّها بعد تغلغل مفاهيم العولمة أصبح من الممكن استرداد هذه الحقوق والتمتع بها.
  • ازدهار المنظمات الدولية غير الحكومية: إذ يُلاحظ أنّه وبسبب العولمة أصبحت المنظمات التي ترتكز على أساس العدل واستجلاب الحقوق، منظمات نشيطة ولها صيت مسموع، مثل منظمات حفظ السلام، وحقوق الإنسان، ومنظمة العفو الدولية.
  • بروز المجال السياسي العالمي: إذ تتم معاملة العالم المعاصر على أنّه وحدة واحدة وغير مجزّأة، ومن الأمثلة على هذا المظهر؛ إزالة الحدود الجغرافية بين دول الاتحاد الأوروبي، وحتّى إن وجدت هذه الحدود فإنّها لا تمثل عائقًا حقيقيًا.
  • الاشتراك في القضايا: فقد برزت قضايا متحدة متفق عليها، وتحتاج إلى جهود مشتركة ومتوزعة، وليست جهودًا فرديةً محصورةً في منطقة معيّنة، ومن الأمثلة على هذه القضايا؛ التلوث البيئي، والمشاكل البيئية كالنفايات النووية وغيرها.


مظاهر العولمة الثقافية

يقصد بالعولمة الثقافية انتقال تركيز الإنسان واهتمامه من المحلية إلى العالمية، أي أن يزداد وعيه بعالمية العالم ووحدة البشرية وبروز مفاهيم جديدة للهوية والمواطنة العالمية التي قد تحل محل المفاهيم المحلية، ومن الأمثلة على هذه المظاهر:

  • انتشار المعاهد: تعد المعاهد والمدارس والجامعات الأجنبية عن البلدان مظهرًا من مظاهر العولمة، إذ تتجلى بها معاني تبادل الثقافات على نحو مدروس وممنهج، وتساهم في نشر الثقافات الأخرى والتعمق بها وفهمها.[٤]
  • التشارك في الأفكار: يظهر على الدول التي تمتاز بعولمتها الثقافية انتشار الأفكار المختلفة من شتّى بقاع الأرض، وانعكاسها على مواطني تلك المنطقة، وقد تحمل هذه الأفكار عادات وتقاليد، أو حتى مظاهر شكلية كاللباس أو قصات الشعر، وأفكار ثقافية، قد تكون ذات طابع إيجابي أو سلبي.[٥]
  • فقدان سلطة الدول النامية: إذ يعد تدفق الأفكار على نحو مستمر للبلاد النامية واستقبالها وعدم مواجهتها، أو تصفيتها، سببًا دافعًا لأن تكون الدول النامية تابعةً لغيرها، وبالتالي تتأثر سلبيًا، بحيث يصبح أفراد هذه البلاد محكومين لأفكار دخيلة قد تكون سببًا في التسلط عليهم في حال عدم دراستها على نحو صحيح.[٦]


مظاهر أخرى للعولمة

ساهم ظهور العولمة في تشجيع التواصل والاحترام بين مختلف الأطياف الإنسانية، والطبقات الاجتماعية، ومع مختلف الأجناس والأعراق، وجعلت من العالم قريةً صغيرةً، وسهلت السفر إلى الخارج، ورغم أنّ العولمة قد تشكل تهديدًا واضحًا في بعض الأحيان على ثقافات وعادات المجتمعات الأصلية، وهو ما يُرى في كثير من الأحيان، إلا أنّه وبالاطلاع على هذا المفهوم بشكل صحيح والتعامل معه بطريقة إيجابية، سيجعل من المواطنين أشخاصًا مثقفين وعلى اطلاع على كل ما يدور من حولهم في العالم.[٧]


المراجع

  1. المركز المصري لحقوق المرأة، العولمة، صفحة 7-8. بتصرّف.
  2. أحمد عبد العزيز، العولمة الاقتصادية وتأثيراتها على الدول العربية، صفحة 7-9. بتصرّف.
  3. أشرف غالب أوب صالحة، تأثير العولمة السياسية على الوطن العربي، صفحة 65- 70. بتصرّف.
  4. آمنة ياسين بلقاسمي ومحمد مزيان، العولمـة الثقافيـة وتأثيراتها على هوية الشباب والمراهقين الجزائريين، صفحة 8-10. بتصرّف.
  5. عمر مصطفى محمد سمحة ، العولمة الثقافية والثقافة السياسية العربية، صفحة 54. بتصرّف.
  6. نور الدين زمام، عولمة الثقافة، صفحة 11. بتصرّف.
  7. "How globalization affects cultural heritage", Global Heritage, 21-11-2017, Retrieved 25-5-2021. Edited.