مفهوم العولمة الذي يعرف بالإنجليزية (Globalization) هو مصطلح معالج من قبل دراسات العلوم الاجتماعية، إذ يُعد أداة تحليلية للتعبير عن التغير الحاصل في المجالات كافة، كما يعد منهجًا جديدًا لطبيعة العلاقات الاجتماعية سواء النفعية أو المادية، وذلك بعيدًا عن المفاهيم القومية، والعائلية، والعرقية، والدينية، ويرى البعض أن العولمة أربع أفكار رئيسية، وهي؛ الوصول لتقنيات جديدة، والمنافسة بين القوى العظمى، بالإضافة إلى انتشار وشيوع عولمة الإنتاج، وأيضًا التبادل والتحديث، ويمكن القول إن العولمة هي انتشار للتكنولوجيا والمعلومات والمنتجات، وذلك عبر الحدود والثقافات الوطنية المختلفة.[١][٢]


تاريخ ظهور العولمة

تختلف الآراء حول بدء ظهور العولمة وانتشارها في العالم، ومن بعض الأفكار التي ناقشت تاريخ ظهور العولمة:[٣][٤]

  • يرى البعض أن انتشار العولمة وظهورها كان قد بدأ مع بدايات الهجرة البشرية، أو عن طريق السفر من خلال طريق الحرير، أو من خلال معارك جنكيز خان.
  • غزوات وتداخل الإمبراطوريات مع بعضها البعض، إذ ساعد على التعرف على ثقافات الشعوب المختلفة، وتبادل الأفكار واختلاط الأفراد مع بعضهم البعض.
  • يرى البعض أن الرحلات البحرية التي كانت تسير عبر المحيط الأطلسي في القرن الخامس عشر، والتي قام بها الأوروبيون بهدف إيجاد طرق أقصر لتجارة التوابل مع الهند والصين، والرحلات التي قام بها المستكشف كريستوفر كولومبوس وغيره من البحارة التي كانت تبحث عن أفضل الطرق للتجارة البحرية، بأنها بداية لظهور العولمة.
  • البعض عدَّ أن مفهوم العولمة معاصر أكثر من ذلك، بمعنى أنه مرتبط بالعصور الحديثة، ولم يكن لها وجود قبل الحرب العالمية الثانية، وأن المفهوم كان قد أصبح شائعًا في الثمانينات.
  • يرى البعض أن ظهور العولمة قد ارتبط بالموجة الأولى له بالمعيار الذهبي في القرن التاسع عشر.
  • يعد البعض أن مفهوم العولمة جديد، وأن البروفيسور ثيودور ليفيت كان أول من ذكره في مقال له في عام 1983 ميلاديًا، في مجلة هارفارد بيزنس، ويمكن القول إن المفهوم الأساسي للعولمة قد ظهر في زمن البشر الأوائل.
  • عدّ الكثير من الباحثين أن مفهوم العولمة قديم النشأة ويقارب عمره 5 قرون، وأن ظهوره ارتبط عند اجتياح الإسبان للأندلس، وباكتشاف كل من قارتي أمريكا وأستراليا، ثم ظهور الثورة الصناعية، والتي ساعدت الغرب على بناء قاعدة اقتصادية متينة.[٥]


عوامل ظهور العولمة

ارتبط ظهور العولمة بعدة عوامل سواء أكانت اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية، ومن عوامل ظهور العولمة هذه:[٦]

  • التكامل في الأسواق المالية الدولية.
  • انخفاض القيود المفروضة على التجارة والاستثمار.
  • التطور الصناعي للدول النامية، وتكاملها مع السوق العالمي.
  • وجود فائض في الإنتاج العالمي، وحاجة الدول الصناعية إلى أسواق خارجية.
  • انتهاء الحرب الباردة، وانهيار الاتحاد السوفييتي الذي كان يشارك الولايات الأمريكية المتحدة زعامة العالم.
  • التطور التكنولوجي، وثورة الاتصالات والإلكترونيات.
  • انهيار الكتلة الشرقية، وسياسة التعتيم التي كانت الدول الصناعية تتبعها تجاه التدخلات الخارجية.


أنواع العولمة

من أهم أنواع العولمة:[٧]

  • العولمة الثقافية: وهي قيام دولة معينة بتعميم نموذجها الثقافي على دول ومجتمعات أخرى، ويتناول هذا التأثير كلًا من المفاهيم الحضارية، والأنماط السلوكية، والقيم السلوكية.
  • العولمة الاقتصادية: ويكون ذلك بالتركيز على الجانب العالمي للاقتصاد، وأن يكون في أيدي أشخاص محددين واستبعاد الأقلية منه، كما أنها تُحدث تفاوتًا بين الدول المختلفة وأحيانًا بين الدولة نفسها، مما يؤدي لانتشار الفقر نتيجة ذلك.
  • العولمة العسكرية: تعد الذراع الأقوى الذي تستخدمه العولمة السياسية، وبعد ذلك تستخدم العولمة الاقتصادية، إذ إن نشر المفاهيم خاصة المتعلقة بالاقتصادية والسياسية والعديد من الأمور تحتاج ليد قوية لتنفيذ ذلك، وفرضه عليهم ولو بالقوة.
  • العولمة السياسية: تعد العولمة الاقتصادية تمهيدًا للوصول للعولمة السياسية، ويكون الهدف منها القدرة على التدخل في شؤون الدولة الداخلية، ومحاولة فرض الهيمنة عليها.


الآثار المترتبة على ظهور العولمة

من أهم الآثار المترتبة على ظهور العولمة:[٨]

  • التوسع في نطاق العمل: تساعد العولمة على تشجيع الشركات الكبيرة على الوصول للعملاء وحصولها على عائد أعلى على التكاليف الثابتة، وتعد شركات التكنولوجيا من أكثر الشركات استفادة من هذا الأمر.
  • انتشار السلع ذات الأسعار المنخفضة: تساعد العولمة الدول على إنتاج السلع المتخصصة بها على أكمل وجه، وذلك باستخدام أقل قدر ممكن من الموارد، وهو المعروف بالميزة النسبية، حيث يؤكد هذا المصطلح على الإنتاج بكفاءة أكثر، وتخفيض الأسعار للخدمات والسلع، وتعزيز النمو الاقتصادي، مما يساعد بتوفرها للجميع وخاصة للأسر ذات الدخل المتدني.
  • الابتكار: تحفز العولمة على التجارة الموسعة والابتكار وعلى انتشار التكنولوجيا ونقل الأفكار.
  • الجودة والتنوع: تدفع المنافسة التي تأتي من الخارج الدول الأخرى للعمل على تحسين منتجاتها، وساهم ذلك في توفر منتجات أفضل للمستهلكين.
  • الوظيفة: تساعد العولمة على خلق فرص عمل جديدة، وتعمل على دعمها، لكنها تساهم في إزاحتها.


الفرق بين العولمة والعالمية

بالرغم من أن كلا المصطلحين مشتق من نفس الكلمة وهي العالم، إلا أنه يوجد اختلاف كبير فيما بينهما:

  • العالمية: هي انفتاح ثقافات المجتمع على بعضها، والتبادل الحر فيما بينها لمنجزات العلوم، والتكنولوجيا، والثقافة، وذلك انطلاقًا من قيم حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية، واحترام القانون، والبيئة، وتحسين الظروف المعيشية.
  • العولمة: تقوم على مبدأ الرأسمالية، واعتباره واقعًا اقتصاديًا، وتكنولوجيًا، ومعلوماتيًا، وسياسيًا، وذلك لمصلحة البرجماتية، وتعتمد على فرض أنظمتها بالقوة، وتعمل على الهيمنة الاقتصادية بين الدول، وعلى الانسلاخ عن القيم والمبادئ والتقاليد والعادات المتعارف عليها، لذا يمكن القول إن العولمة احتواء والعالمية ارتقاء.[٩]


المراجع

  1. "ثقافة المؤسسة و أثر العولمة في المغرب العربي : مثال تونس"، إنسانيات، اطّلع عليه بتاريخ 21/8/2021. بتصرّف.
  2. "Globalization", investopedia, Retrieved 21/8/2021. Edited.
  3. "When Did Globalization Start?", investopedia, Retrieved 21/8/2021. Edited.
  4. "Globalization", encyclopedia, Retrieved 21/8/2021. Edited.
  5. عساس آسيا، العولمة في المفهوم والمظاهر واآلثار، صفحة 84. بتصرّف.
  6. عساس آسيا، العولمة في المفهوم والمظاهر واآلثار، صفحة 87. بتصرّف.
  7. عبد العزيز المنصور، العولمة والخيارات العربية المستقبلية، صفحة 570-567. بتصرّف.
  8. "What Is Globalization?", piie, Retrieved 21/8/2021.
  9. بوجمعة عويشه، العولمة والترجمة وآثارهما الاقتصادية، صفحة 18-17. بتصرّف.