تُشير العنصرية إلى الاعتقاد بأن البشر يمكن تقسيمهم إلى كيانات بيولوجية منفصلة تسمى أجناسًا، وأنه توجد علاقة سببية بين السمات الجسدية الموروثة لديهم وبين السمات الشخصية والفكر والأخلاق وغيرها من السمات الثقافية والسلوكية، وأن بعض الأجناس قد تتفوق على غيرها بالفطرة، وتوجد العنصرية عند المؤسسات والأنظمة السياسية والاقتصادية والقانونية التي تشارك في التمييز على أساس العرق أو تدعمه، أو لا تحقق المساواة العرقية في الثروة، والدخل، والتعليم، والرعاية الصحية، والحقوق المدنية في المجالات المختلفة.[١]


مفهوم العنصرية

يعني مصطلح العنصرية بأنه الاعتقاد بأن الاختلافات المتأصلة بين مختلف المجموعات العرقية البشرية تحدد الإنجاز الثقافي أو الفردي، وعادةً ما تنغلق على فكرة أن عرق المرء متفوق وله الحق في السيطرة على الآخرين، أو أن مجموعة عرقية معينة أدنى من الآخرين، وفي معنى آخر قد تُعرف على أنها معاملة شخص بطريقة سيئة، أو استعباده، أو حرمانه، أو مضايقته، أو ترهيبه، أو إذلاله، أو كسره بسبب عرقه، ويشمل العرق الأصل العرقي أي لون بشرة المرء، وجنسيته، والأصول القومية له، والعديد من الأمور الأخرى.[٢][٣]


أسباب العنصرية

أسباب وعوامل انتشار هذه الآفة كثيرة جدًا، نذكر أهمها فيما يلي:[٤][٥]

  • المصالح الذاتية: يعتقد الكثير أن هذا هو السبب الجذري للعنصرية، فمثلًا خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر تم اختطاف أشخاص من أفريقيا وإجبارهم على العبودية، وذلك لأن المستثمرين الأوروبيين اكتشفوا أن العمال الملزمين معهم بعقود لا يمكنهم التعامل مع العمل اللازم لزراعة التبغ، والسكر، والقطن في الأمريكتين، وبدلًا من البحث عن العمال المناسبين قرروا استعباد هؤلاء الأفراد المخطوفين، وبرروا فعلتهم الهمجية بأن العبودية كانت مقبولة لأن الخدم أو العبيد أقل قيمة من البشر الآخرين.
  • العلم: قد يعتقد الكثير أن سبب العنصرية الجهل، لكن يوجد العديد من العلماء الذين يملكون أكثر العقول ذكاءً قد دعموا المعتقدات العنصرية، ففي نهاية القرن الثامن عشر حل العلم مكان الدين، وقد برر العلم حينها الكثير من المعتقدات العنصرية، مثل أن الأطفال المختلطين في الأعراق يعانون من مشاكل صحية أكثر، وأن أعمارهم أقصر من الأطفال الآخرين.
  • قلة الثقة بالنفس: معظم الأفراد الذين يمارسون العنصرية يفتقرون لهوياتهم الخاصة، ويقومون بعزل الأفراد والجماعات، وقد تنشأ عداءات تجاه تلك الجماعات التي تم عزلها عنهم تعاني من نقص داخلي وقلة ثقة بالنفس، ويرتبط الأمر ببعض الأمراض العقلية كاضطراب جنون العظمة، والنرجسية، والشعور بعدم الأمان، وقلة الثقة التي تجعل الفرد أكثر انخراطًا في ممارسة العنصرية.
  • الكراهية والحقد: قد يشعر البعض بالتهديد أو الخوف من فقدان سلطتهم، وقد يستخدمون لتجنب هذا الشعور جماعات متطرفة لدعمهم اجتماعيًا، وينقلون أوجه القصور الخاصة بهم إلى المجموعات التي لا يحبونها.
  • السياسات التميزية: وهي سياسات تميز على أساس العرق وتُبقي الناس في حالة من الفقر تعزز المعتقدات العنصرية، مثل قوانين الإسكان في البلاد الغربية التي منعت الأفراد الذين يمتلكون بشرةً سوداء من اقتنائهم لمنازل في مناطق معينة، ونقلهم إلى مساكن منخفضة الجودة، ومنعهم من الاستثمار، وتبرير هذا الفعل بأن السود هم من اختاروا العيش في الأحياء الفقيرة، والمليئة بالجرائم.


أشكال العنصرية

أنواع العنصرية عدة حسب السلوكيات والسياسات والعمليات المتبعة نذكرها كما يلي:[٦][٧]

العنصرية الفردية

ينتج هذا الشكل من التحيز الشخصي، عندما يتم التعبير عنه بوعي، ويكون الفرد مدركًا لتميزه وتحيزه، مع ذلك تكون العنصرية الفردية في جميع حالاتها خادعة، وتتشكل القرارات والمواقف والمعتقدات فيها دون وعي، ويشمل هذا الشكل المعتقدات الخاصة والانحيازات حول العرق والعنصرية المتأثرة بالثقافة، وقد يندمج بعدة سلوكيات مثل؛ التحيز تجاه الآخرين من عرق معين لاضطهاد المتعنصر داخليًا، وتوليد معتقدات سلبية عن النفس عند الضحايا من قبل الجاني، واعتقاد المتعنصرين أنهم يمتلكون امتيازًا داخليًا، أو أنهم متفوقون على المُتعنصر عليهم أو أنهم أكثر استحقاقًا منهم.


العنصرية المؤسسية (النظامية)

على الرغم من التطور الكبير الحاصل في وقتنا الحالي إلا أن السياسات والعمليات العنصرية متأصلة بعمق على المستوى المؤسسي في المجتمعات، وفي المستشفيات، والسجون، والمدارس، وفي الدوائر الحكومية، ويعاني الكثير من الأفراد من العنصرية المنهجية، فلا يزال الكثيرون لا يتلقون الرعاية الصحية كما يجب بسبب أعراقهم، وآخرون أكثر عرضة للسجن من غيرهم لذات السبب، ويحدث هذا الشكل من أشكال العنصرية المؤسسية في المدارس أيضًا وأماكن العمل، وذلك من خلال سياسات غير عادلة وممارسات تمييزية لمؤسسات معينة، إذ يتولى الأفراد المسؤولون داخل المؤسسات السلطة عندما يعززون من عدم المساواة العرقية.


العنصرية الهيكلية (اليومية)

هذا الشكل من العنصرية يتم بين المؤسسات والمجتمع، ويعترف بالعنصرية المنهجية ويعززها من خلال ممارسات متكررة يوميًا مثل المضايقات العرقية، ويتضمن الكثير من الآثار التراكمية والمركبة لمجموعة من العوامل المجتمعية بما في ذلك التاريخ، والثقافة، والأيديولوجية، وتفاعلات المؤسسات والسياسات بطريقة منهجية.


الأسس التي تقوم عليها العنصرية

تقوم العنصرية على معايير وأسس عدة تختلف من شخص لآخر أو من بيئة لأخرى ومن هذه الأسس:[٨]

  • العنصرية القائمة على النوع الاجتماعي.
  • العنصرية القائمة على الطبقة الاجتماعية.
  • العنصرية القائمة على أساس الإعاقة، أو العجز.
  • العنصرية ضد الأفراد الأجانب، أو غير المواطنين في الدولة.
  • العنصرية القائمة على العرق.


أضرار العنصرية وآثارها

أضرار العنصرية على الأفراد

للعنصرية آثار سلبية وأضرار عدة على الفرد، نذكر بعضًا منها كما يلي:[٩]

  • قد تؤثر العنصرية سلبًا على صحة الفرد، أو الفرص الاقتصادية، مما يؤدي إلى الحد من قدرته على مراقبة الأفراد الآخرين المسؤول عنهم كأطفاله، ولا يستطيع أن يراقب تعليمهم أو يدعمهم، مما يؤدي إلى انخفاض مستوى الفرد وتدنيه في المجتمع.
  • قد تؤدي العنصرية والتمييز في المدارس في سلوك تقييمات المعلمين للطلاب المحرومين عرقيًا في المدرسة الابتدائية المبكرة؛ إلى زيادة احتمالية التمييز في المستقبل في مهام الفصل أو التتبع في المدرسة المتوسطة، وكذلك الأمر في التوظيف، أو تقييمات الأداء على النتائج، والترقيات، وزيادة الأجور.


أضرار العنصرية على المجتمعات

للعنصرية آثار سلبية وأضرار عدة على المجتمعات نذكر بعضًا منها كما يلي:[٩]

  • قد تؤثر العنصرية مُبكرًا على إنتاجية بعض المجالات كمجالات الإسكان، والرعاية الصحية، والعدالة الاجتماعية، والتعليم، فمثلًا تؤثر العنصرية في المدرسة الابتدائية سلبًا على النتائج في المدرسة الثانوية وتقلل من فرص الالتحاق بالجامعة.
  • قد تؤدي العنصرية إلى تقليص فرص بعض المجتمعات في مجالات متعددة، فمثلًا العائلات المكونة لمجتمعات صغيرة والتي تعيش في أحياء منعزلة تعاني من إمكانية محدودة للحصول على فرص عمل ورعاية صحية جيدة.


طرق علاج العنصرية

ندرج فيما يلي بعض الطرق التي تُساعد في القضاء على هذه الآفة:[١٠]

  • تغيير طريقة التفكير: من الضروري أن يتنشط العقل كي ينمو، ويتم هذا الأمر من خلال تغيير طريقة التفكير، وتحويل العقلية من التحيز إلى الاستمتاع بفرصة الحوار بين الثقافات والأعراق، وهذه الطريقة تعد عملية لأنها أكثر انخراطًا وتكون منصبة نحو التعلم.
  • المشاركة البناءة: ويتم هذا الأمر من خلال بناء العلاقات، وتفاعل الناس بطريقة إيجابية من خلال فتح المناقشات، وإشعار الأشخاص الذين يتعرضون للعنصرية بالاهتمام وتقديم الدعم لهم.
  • تعزيز المساءلة الاجتماعية: وتعد المنظمات والمؤسسات المسؤول الأول عن تعزيز المساءلة الاجتماعية، وذلك من خلال الإعلان عن أهدافها والإعلان عن متى وأين وكيف ستصل إلى هدف معين، وذلك لإخفاء أي فجوات قد تحصل بسبب العنصرية، فمثلًا إذا أعطت شركة معينة موظفين معينين لديها أجورًا أقل من الآخرين اعتمادًا على التمييز والعنصرية؛ فتقوم المنظمات بدورها بنشر زيادة لرواتب هؤلاء الموظفين ومساءلة الشركة.


دور المؤسسات الدولية في مكافحة العنصرية

تقوم العديد من المؤسسات والمنظمات بمحاربة ومكافحة العنصرية، ودعم المساواة العرقية، ومن هذه المؤسسات وأدوراها ما يأتي:[١١]

  • الرابطة الوطنية ناكب (NAACP): تأسست هذه الرابطة عام 1909 لمكافحة العنف المستمر ضد الأشخاص ذوي البشرة السوداء، وتعد أكبر منظمة للحقوق المدنية وتضم أكثر من 2 مليون مشارك، وتتمثل في تأمين الحقوق السياسية، والتعليمية، والاجتماعية، والاقتصادية للسود، والقضاء على التمييز على أساس العرق.
  • مركز الدفاع عن المهاجرين في لاس الأمريكتين: هو منظمة غير ربحية تعمل على تلبية الاحتياجات القانونية للمهاجرين ذوي الدخل المنخفض الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف المساعدة القانونية، إذ تساعد الأفراد في الحصول على اللجوء وتوفير الإغاثة العامة للهجرة.
  • الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية (ACLU): يسعى هذا الاتحاد إلى ضمان الحريات الدستورية لكل جنس وعرق، إذ يتناول القضايا المشتركة التي تم تناولها كحرية التعبير، وحقوق الإنسان، والظلم العنصري، والعدالة الجنائية.


المراجع

  1. "racism", britannica, Retrieved 8/8/2021. Edited.
  2. "Racism definition", brighton-hove, Retrieved 8/8/2021. Edited.
  3. "racism", dictionary, Retrieved 8/8/2021. Edited.
  4. "The Psychology of Racism", verywellmind, Retrieved 8/8/2021. Edited.
  5. "humanrightscareers", humanrightscareers, Retrieved 8/8/2021. Edited.
  6. "Four Levels of Racism", cacgrants, Retrieved 8/8/2021. Edited.
  7. "Types of racisms", futurelearn, Retrieved 8/8/2021. Edited.
  8. "التمييز"، منظمة العفو الدولية ، اطّلع عليه بتاريخ 9/8/2021. بتصرّف.
  9. ^ أ ب "Cumulative Disadvantage and Racial Discrimination", nap, Retrieved 9/8/2021. Edited.
  10. "10 Remedies for Systemic Racism", vanderbilt, Retrieved 9/8/2021. Edited.
  11. "10 Organizations That Support Racial Equality", verywellmind, Retrieved 9/8/2021. Edited.