نبذ العنف: مفهومه، وأشكاله، وأكثر

يعرف نبذ العنف على أنه مصطلح جامع لوصف أساليب عدة للتعامل مع النزاع، والتي تشترك مع المبدأ المشترك المُنادي بعدم استخدام العنف الجسدي، على الأقل ضد الأفراد الآخرين.^[١]

مفهوم نبذ العنف

يعني مصطلح نبذ العنف (nonviolence) الامتناع عن العنف، وتجنب الفرد القتال في موقف أو استخدام القوة الجسدية،^[٢][٣] ويُسمى هذا المفهوم باسم اللاعنف أيضًا ويمكن توضيحه بسلوك الفرد سلوكًا يضمن عدم الإضرار بذاته أو بالآخرين تحت أي ظرف من الظروف، وقد يطبق الفرد هذا الأمر على أساس مبادئ أخلاقية، أو دينية، أو إنسانية، أو روحية ونفسية، أو لأسباب إستراتيجية بحتة أو علمية.^[٤]

أشكال نبذ العنف

توجد لنبذ العنف أشكال عامة تمتلك كل منها خصائص جوهرية خاصة بها تميزها عن غيرها ضمن معايير متعددة؛ كالدافع وراء العنف إن كان هو النفع، أو المبدأ، أو أنه بينهما، بالإضافة إلى نظام معتقدات المجموعة التي تنبذ العنف إن كان دنيويًا فقط أم دنيويًا وأخرويًا، وإن كانت تمتلك برنامج للتغيير الاجتماعي أم لا، وموقفها اتجاه المعارضين، سواء إن رفضوا العنف كله أو العنف الجسدي فقط، وغيرها العديد من المعايير، وفيما يلي سنذكر هذه الأشكال العامة:^[٥]

• نبذ العنف بدون مقاومة: ويرفض أتباع هذا الشكل العنف من حيث المبدأ جميع أشكال العنف الجسدي، سواء أكان العنف على مستوى فردي أو دولي، يرفضون المشاركة في الحروب، ويرفضون مقاومة المواقف القاسية حتى بأساليب اللاعنف، كما يتجاهلون الشر قدر الإمكان، وعند الاضطهاد يتمسكون ببساطة معتقداتهم ويتبعونها.
• نبذ العنف عن طريق المصالحة النشطة: وتفضل المجموعة التي تنتمي لهذا الشكل استخدام النوايا الحسنة والمصالحة، ولا تشير إلى الإجراءات الخارجية فقط، بل إلى المصالحة الشخصية وتحسين حياة المرء قبل محاولة تغيير الآخرين، ويسعى مؤيدو هذا النوع إلى إجراء تغيير إيجابي في موقف وسياسة مجموعة حيال بعض المواقف غير المرغوب بها.
• نبذ العنف عن طريق المقاومة الأخلاقية: لدى مؤيدي هذا الشكل قناعة بضرورة مقاومة الشر؛ ولكن بوسائل سلمية وأخلاقية، مع التركيز على المسؤولية الأخلاقية الفردية والذي يعد من أهم أجزاء هذا النوع، ويشتمل على الرفض الشخصي للأفراد للمشاركة في الشر؛ سواء في الحروب، أو العبودية، وضرورة قيام الأفراد بأمور مخالفة لها.
• نبذ العنف الانتقائي: والسمة الرئيسية لهذا الشكل هي رفض المشاركة في النزاعات العنيفة، كالحروب الدولية، ويرى مؤيدو هذا النوع بأن تصنيع واستخدام الأسلحة النووية جريمة لا يمكن تبريرها أبدًا.
• نبذ العنف عن طريق المقاومة السلبية: ويتخذ التابعون لهذا النوع طريقة لإدارة الصراعات وتحقيق أو إحباط التغييرات الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية، والمقاومون بهذا النوع يفتقرون لوسائل العنف أو قد لا يتنصرون بها، لأن هدفهم مضايقة الخصم دون اللجوء إلى العنف الجسدي وإجباره على تقديم التنازلات المطلوبة برضاه أو رغمًا عنه.
• نبذ العنف عن طريق المقاومة السلمية: ويتمثل هذا الشكل باتخاذ أتباعه لوسائل النزاع وتحقيق أو إحداث تغييرات اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية على عكس المقاومة السلبية، ويلتزمون بنظام غير عنيف مؤقت متعلق بالنضال الخاص.
• نبذ العنف عن طريق العمل المباشر اللاعنفي: يحتضن هذا النوع طريقة لإنتاج أو إحباط التغييرات الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية من خلال التدخل اللاعنفي المباشر الذي يهدف إلى إنشاء أنماط أو سياسات جديدة، أو تعطيل مؤسسة أنماط وسياسات فاسدة.
• نبذ العنف عن طريق إستراتييجة ساتياغراها (Satyagraha): وتعني هذه الطريقة التمسك بالحقيقة أو الاعتماد على الحقيقة التي لها دلالة على جوهر الوجود أو الواقع، كما تكافح الشرور الاجتماعية وتبني نظامًا اجتماعيًا أفضل.
• نبذ العنف عن طريق ثورة اللاعنف: وتعد الثورة الللاعنفية أحدث أنواع نبذ العنف العامة، ولا تزال تحت التطورات الفكرية والفعلية ولا تمتلك أيديولوجية أو برنامجًا ثابتًا، ويعتقد ثوارها أن المشاكل الاجتماعية الكبيرة في العالم تعود أسبابها إلى جذور الحياة الفردية والاجتماعية، ولا يمكن حلها إلا من خلال تغيير أساسي أو ثوري في الأفراد والمجتمع.

طرق نبذ العنف

طرق نبذ العنف عن الذات وعن الآخرين كثيرة جدًا، ندرج بعضًا منها فيما يلي:^[٦]

• الشجاعة.
• الابتسام.
• التقدير.
• العناية.
• الإيمان.
• البساطة.
• التعليم.
• الشفاء.
• الحلم.
• التأمل.
• الإبداع.
• التواضع.
• التقديس.
• السلام.
• الاحتفال.
• الإفراج.
• الخدمة.
• الشهادة.
• المواطنة.
• الاكتفاء الذاتي.
• العطاء.
• المسؤولية.
• المساواة.
• الدعوة.
• الاختيار.
• التمكن.
• نزع السلاح.
• الرحمة.
• المساءلة.
• التفرد.
• التعاون.
• الوحدة (الاجتماع).
• الحوار.
• الانفتاح.
• العمل.
• اللطف.
• التفاهم.
• اليقظة.
• الصبر.
• الحب.
• الغفران.
• الثناء.
• العدل.
• الاحترام.
• الاستماع.
• الكرم.
• الود.
• الانسجام.
• الدعاء.
• الإلهام.
• القبول.
• الحرية.
• النزاهة.
• الامتنان.

أسباب نبذ العنف

ومن أسباب ظهور مفهوم نبذ العنف:^[١]

• أساليب نبذ العنف سلاح متاح للجميع، يعمل على تنفير الخصم، ويكسر دائرة العنف، والعنف المضاد.
• يترك إمكانية التحويل مفتوحة مما يجعل الإعلام أكثر تركيزًا على القضية المطروحة بدلًا من الأمور العرضية الأخرى لأعمال العنف، وهذه الطريقة الوحيدة التي تحقق التعاطف العام.
• إنتاج صور بناءة وليست هدامة، من خلال حل النزاعات بهدف الوصول إلى حقيقة موقف معين؛ أي عدم تحقيق النصر لطرف واحد، بل هي الطريقة الوحيدة التي يتوافق بها النضال مع التقاليد والمعتقدات.

ما هي حركة نبذ العنف؟

هي حركة لا تقبل الظلم ولا المعارضة العنيفة لأي أمر، وبدلًا من ذلك تلتزم باستخدام وسائل غير عنيفة وإبداعية كأعمال الاحتجاج، والإقناع، وعدم التعاون، والعصيان المدني، والمقاطعات، والإضرابات، والعمل المباشر، والتعليم، لمقاومة القوى المعنية للتأثير على المجتمع والتشجيع على التغيير الاجتماعي.^[٧]

ما أهمية نبذ العنف؟

تكمن أهمية نبذ العنف بأنه أسلوب فعال يمكنه أن ينزع السلاح من العالم ويغيره، وهو طريقة جديدة للحياة ومنهجية حديثة للتغيير الاجتماعي والسياسي، وإستراتيجية مبتكرة للتنظيم من خلال حركات شعبية تعطي الأمل للبشرية، والتزام مطلق بطريق الحب والعاطفة، تقوم دائمًا بتحريك الضمائر والشجاعة لتحقيق العدالة، إضافةً إلى أن اللاعنف هو نموذج لملء الحياة وتعديلها، وطريقة لتحويل وحل النزاع بطريقة أخلاقية معززة بالبدائل السليمة والعادلة، لبناء مجتمعات أكثير ديمقراطية مناصرة لحقوق الإنسان، تحارب العنصرية والتمييز على أساس الجنس، وتناضل من أجل العدالة الاقتصادية وحماية الكوكب.^[٨][٩]

ديناميكية نبذ العنف

تتمثل الحالة الديناميكية لنبذ العنف بالمعاناة الواعية، ولا يعني ذلك الخضوع الهامد لإرادة الفاعل الفاسد، لكنه صب طاقة الفرد وقوته على العمل ضد إرادة الطاغية، ويعمل تحت ظل القانون الذي يسري في مجتمعه، ومن الممكن لفرد واحد أن يتحدى قوة كاملة لإمبراطورية ظالمة لإنقاذ روحه وتمهيد الأساس لإسقاط تلك الإمبراطورية أو تجديدها.^[١٠]