حق المساواة

يعد الحق في المساواة أحد أهم حقوق الإنسان، وهو مبدأ أساسي في جميع دول العالم، وحق أساسي في القانون الدولي الوضعي؛ وذلك لكونه مكرّس بصيغ متباينة في الصكوك الإقليمية والعالمية لحقوق الإنسان، إذ يتمثل هذا الحق بتمتع الفرد بجميع الحقوق والحريات الأخرى على قدم المساواة مع غيره من الأفراد؛ أي أن جميع الأشخاص سواسية أمام القانون، ولهم الحق في التمتع بحماية متساوية ضدّ أيّ تمييز، ويجب أن ينطبق مبدأ المساواة وعدم التمييز على جميع أوجه النشاط الفردي والمجتمعي، وهو حق عام تتفرع عنه حقوق الإنسان الأخرى.^[١]

تفاصيل حقّ المساواة

توجد العديد من المضامين والتفاصيل لحقّ المساواة في المجتمع، من أهمها سنذكر ما يلي:^[٢][٣]

• يؤكد حق المساواة على أن جميع الأفراد في المجتمع يولدون أحرارًا.
• جميع الناس متساوون باختلاف جنسهم وعرقهم ولونهم أمام القوانين والحقوق والواجبات.
• جميع الناس سواسية في القيمة الإنسانية؛ إذ لا يجوز التفرقة بين الأفراد من حيث حقهم في الحماية والأمان.
• لكل شخص في المجتمع الحق في الانتفاع بالثروات المادية الموجودة في المجتمع؛ وذلك من خلال توفير فرص عمل مكافئة لجميع أفراد المجتمع، وعدم التفرقة بينهم في الأجر ما دام الجهد المبذول واحدًا.

أهمية حقّ المساواة

هناك أهمية كبيرة لحق المساواة بين الأفراد في المجتمع، وفيما يلي توضيح لذلك:^[٤]

• تحسين مستوى المعيشة والفرص في الحياة لجميع الأفراد في المجتمع.
• تحسين الأداء وتقديم خدمات عامة عالية الجودة بأكبر قدر ممكن من الكفاءة والفعالية.
• يؤكد تطبيق حق المساواة على أن الإجراءات في الدولة عادلة وليست تعسفية وتتوافق مع القانون.
• بناء علاقات قوية وإثبات العدالة والشفافية، وإمكانية الوصول إلى الأشخاص والمساءلة بكل سهولة، وبالتالي تعزيز الملكية العامة والشرعية في السياسة والقدرة على اتخاذ القرار.

أنواع المساواة

توجد أنواع عديدة للمساواة بين الأفراد في المجتمع، وتتمثل في ما يلي:^[٥]

• المساواة الطبيعية: يختلف الإنسان عن الآخر من حيث الصفات الجسدية والنفسية والقدرات العقلية، إذ يجب معاملة جميع البشر على أنهم أشخاص متساوون، ويجب أن يحصل جميع الأفراد على كافة حقوقهم وحرياتهم.
• المساواة الاجتماعية: وتعني عدم وجود امتيازات لأي مجموعة أو جماعة عرقية عن غيرها، ويمنع التمييز وعدم المساواة بين فرد وآخر بسبب الطائفة، أو اللون، أو العقيدة، أو الدين، أو الجنس، أو مكان الميلاد؛ أي تحقيق تكافؤ الفرص لكافة الناس.
• المساواة المدنية: وتعني منح حقوق وحريات متساوية لكافة الأفراد والمجموعات الاجتماعية، ومعاملتهم في المجتمع على أساس المساواة أمام القانون، وتشمل المساواة المدنية بأن تقوم القوانين المدنية بمعاملة كافة الأفراد على أساس المساواة بين الأغنياء والفقراء، واللون والعرق، والجماعات والطبقات. 
• المساواة السياسية: تعرف بتكافؤ الفرص في مشاركة كافة الأفراد بالحياة السياسية، وتتمثل بإعطاء الحقوق السياسية المتساوية للجميع في حال توافر المؤهلات الموحدة، لذا يجب أن يحصل جميع أفراد المجتمع على حقوق سياسية متماثلة، ويجب أن تكون لهم فرصًا متشابهة للمشاركة في الحياة السياسية وشؤون البلاد. 
• المساواة الاقتصادية: وتعني حصول الأفراد على فرص متساوية وكافية للعمل وكسب الرزق، وذلك لتلبية المتطلبات الأساسية قبل إشباع المتطلبات الخاصة، بالإضافة إلى تقليل الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وأن يكون هنالك توزيع متساوٍ لثروات المجتمع والموارد.
• المساواة القانونية: وتعني أن جميع الأفراد يخضعون لنفس القانون بشكل متساوي، وأن يحصل الجميع على تكافؤ الفرص لتأمين الحماية القانونية والحريات في المجتمع.
• تكافؤ الفرص والتعليم: ويعني أنه يجب على الدولة أن تعطي كافة الأفراد فرصًا متكافئة ومتماثلة في الحصول على التعليم وإنماء شخصياتهم دون تمييز.

تاريخ حقّ المساواة

لتاريخ تطور حقّ المساواة عدة مراحل، وهي كما يلي:^[٦]

• كان أول ظهور للمساواة منذ حوالي ثلاثة آلاف سنة، حيث نشأت وعرفت بما ذكر في كتب التوراة؛ فهي تبين أنه لا يمكن لأي شخص أن تكون مكانته أعلى من مكانة إخوته الآخرين، فالجميع متساوون.
• في القرن السابع عشر والثامن عشر ذكر مفهوم المساواة لأول مرة عند الغرب، وكان ذلك أثناء إذاعة إعلان الاستقلال الأمريكي، حيث بين فيه مبدأ المساواة بين الأشخاص وعدم التمييز فيما بينهم.
• في العصر الحديث ظهرت المساواة الأساسية؛ إذ يعتبر الديمقراطيون أن مفهوم المساواة هو أساس للعدالة الاجتماعية، والتي تعني أن يقوم المجتمع بالتركيز على المجهود الفردي والتأكيد على تحقيق أكبر قدر من المساواة الاجتماعية والاقتصادية.

متطلبات تحقيق حقّ المساواة

هنالك العديد من المتطلبات التي تساهم في تحقيق حق المساواة بين الأفراد في المجتمع، من أهمها سنذكر ما يلي:^[٧]

• تنظيم الوصول إلى البنية التحتية والمرافق العامة بما في ذلك البناء، والطرق، والنقل، والمدارس، والمساكن والمستشفيات للجميع.
• توفير الوسائل المساعدة على الحركة، والأجهزة المساعدة، والتقنيات المجهزة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.
• القيام بوضع معايير أو أساسيات توجيهية للقدرة على الوصول إلى المرافق والخدمات لضمان الأعمال التجارية التي تقدم للجميع.
• تنظيم الوصول إلى الخدمات العامة بما في ذلك التعليم، والرعاية الصحية، ونظام العدالة والتصويت.
• اتخاذ خطوات لتقليل الظروف التي ساعدت على وجود مجموعات تمييزية في المجتمع.

معوقات وتحديّات الحصول على حقّ المساواة

توجد العديد من المعوقات والتحديات التي تعيق الحصول على حق المساواة في المجتمع، من أهمها ما يلي:^[٨][٩]

• نقص المشاركة في صنع القرار ونقص في الموارد الطبيعية والقيادة في المجتمع.
• الحصول على فرص غير متكافئة وغير مضمونة في الدولة.
• الحواجز القانونية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية.
• منع وصول بعض الفئات إلى الموارد الموجودة وفرص صنع القرار. 
• استخدام العنف كطريقة للقيام بالسيطرة على الموارد والفرص.
• العنف القائم على النوع الاجتماعي.
• الأعراف التقليدية والثقافية.
• التحيز الجنسي والعرقي.

دور الدولة في تعزيز حقّ المساواة

هناك دور كبيرة للدولة في تعزيز حق المساواة، ويتمثل في ما يلي:^[١٠]

• تقوية فعالية القوانين والسياسات في محاربة كافة أشكال التمييز بقدرة أكبر، وأن تقوم السلطات بمعالجة أسباب عدم المساواة الجذرية.
• وضع قوانين العدالة ومؤسسات الدولة تحت المراقبة لتقييم حالات التمييز والتحقيق فيها وتقديم العدل للضحايا.
• قيام الضوابط القانونية والاجتماعية بشكل أكبر يساعد على تعزيز استقلالية الأنثى وخياراتها وحمايتها وتحقيق المساواة بينها وبين فئات المجتمع.
• رفع مستوى الوعي لدى الأفراد والدول وبالتالي ستساعد منظمات المجتمع المدني على تحدي التحيز، ومنع العادات والتقاليد الاجتماعية الضارة.
• تعزيز المبادئ والتصرفات التي تحارب بقدرة كبيرة التمييز وخطاب الكراهية في عالم الفضاء الرقمي.
• القيام بحماية حقوق الإنسان لكافة المهاجرين، وخصوصًا من هم في أوضاع غير جيدة.
• رفع مستوى الدعم بشكل عام لمجتمعات متساوية شاملة ومختلفة دون تمييز.
• دعم ونشر وتطوير الحقوق العالمية للإنسان بما يحقق المساواة بين أفراد المجتمع.
• منع الخلافات والعنف وانعدام الأمن في المجتمع.

فوائد تطبيق المساواة

توجد العديد من الفوائد التي تعود على المجتمع وأفراده نتيجة لتحقيق المساواة، من أهمها ما يلي:^[١١]

• تحقيق التماسك والأمان والوعي المتنامي بين الأفراد في المجتمع.
• يضمن تحقيق المساواة أمن المجتمع؛ وذلك بسبب ضمان حقوق الأشخاص بعيدًا عن العِرق أو الجنس أو الاعتقاد الديني.
• ازدياد فرص التطور والانسجام والتعاون بين أفراد المجتمع، مما ينعكس على فاعلية المجتمع ومستوى الإنتاج ورفع وعيه.
• تحقيق النزاهة بين أفراد المجتمع.

الفرق بين العدل والمساواة

يوجد رابط كبير بين العدل والمساواة، وفي مجالات التطبيق بسمة عامة تعد الفروق دقيقة ومهمة، من أهمها سنذكر ما يلي:^[١١]

• يعد العدل صفةً قانونيةً في الإقرار والتنفيذ، أما المساواة فلها سمة قيمية مجتمعية عامة.
• تستخدم كلمة العدل في الروابط والساسيات القانونية، أمّا مفهوم المساواة يستخدم في الشؤون الاجتماعية والحقوقية للأفراد.
• تعطي المساواة حق الحصول على الامتيازات لكافة طبقات المجتمع، بينما العدل يتطلب أن يتحقق عن طريقه المنافع المطلوبة دون تمييز.
• يتم تحقيق المساواة بين طبقات المجتمع للقيام بتحقيق العدل، فعند تحقيقها في العديد من المجالات لا يجب أن يخرج عن منهج العدل، دون أي تفرقة.
• يضمن مفهوم المساواة تحقيق تساوي الفرص في المجتمع لجميع طبقات المجتمع، أمّا العدل فيقوم على أن يتم تحقيق الحياد والإنصاف في تقسيم تلك الفرص.
• قد يضمن العدل فرض عدد من العقوبات الجازمة على من يخالف أنظمة القانون، أما المساواة فتهدف إلى تطبيق هذه القوانين والعقوبات بين جميع أفراد المجتمع.