حق الحياة هو أحد حقوق الإنسان المعترف بها عالمياً، والذي يتمثل في حق الإنسان بالعيش، وعدم التعرض للقتل من قبل شخص آخر، بالإضافة إلى ضرورة اتخاذ الحكومات التدابير المناسبة لحماية حياة الأفراد، وذلك من خلال سنّ القوانين والأنظمة، وفي بعض الحالات من خلال اتخاذ خطوات لحماية الأفراد إذا كانت حياتهم في خطر.[١]


مضمون حقّ الحياة

نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن لكل فرد في المجتمع الحق في الحياة والحرية والأمان، كما أكد الميثاق الدولي لحقوق الإنسان المدنية والسياسية على الحفاظ على حقّ الحياة لكون الحقوق الأخرى تعتمد على وجوده، فمن هذا المبدأ يُعتبر حق الحياة من أهم الحقوق التي يتوجب على القانون حمايتها، ومنها:[٢]

  • عدم حرمان أيّ شخص من حياته بشكل تعسفي أو غير قانوني.
  • الامتناع عن فرض عقوبة الإعدام، ويُكتفى بفرضها على الجرائم الأشد خطورة، كما يتم تطبيق هذه العقوبة من خلال إصدار أحكام نهائية من قبل محكمة متخصصة.
  • الامتناع عن إصدار حكم الإعدام لمن تقل أعمارهم عن 18 عاماً من مرتكبي الجرائم وللنساء الحوامل.
  • منع جرائم الإبادة الجماعية، والمعاقبة عليها في حال وقوعها.
  • إمكانية التماس العفو من قبل الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام، أو إمكانية طلب تغيير العقوبة.


أهمية حقّ الحياة

يُعتبر حقّ الحياة من الحقوق الأساسية التي يستلزم توفيرها للأفراد، وذلك بغض النظر عن خلفياتهم الاجتماعية، أو الاقتصادية، أو الثقافية، أو السياسية كما نصت جميع اتفاقيات حقوق الإنسان،[٣] وذلك لما له من أهمية كبيرة للأفراد والمجتمعات:[٤][٥]

  • يستحيل التمتع بالحقوق الأخرى مثل الحق في التعليم، والحق في التعبير عن الرأي، والحق في الحرية، والمساواة، والحق في العمل دون الحصول على الحق في الحياة.[٦]
  • يساعد الحفاظ على حق الحياة في تحقيق قدر أكبر من الوحدة بين أفراد المجتمع، وزيادة ثقة المواطنين بحكوماتهم وببعضهم البعض، كما أنها إحدى الطرق التي يتم من خلالها الحفاظ على حقوق الإنسان والحريات الأخرى، بالإضافة إلى تحقيق المزيد منها.
  • يشكل حقّ الحياة أساس العدل والسلام في العالم، والذي يؤدي إلى خلق فهم مشترك، ومراعاة حقوق الإنسان الأخرى، والتي تعتمد على الحق في الحياة، وبذلك تحافظ المجتمعات على بيئة ديمقراطية سياسية فعالة.
  • يساعد الحصول على حق الحياة في تجنب إساءة معاملة الأفراد أو معاقبتهم عن طريق خطأ من قبل الدولة أو أيّ جهة حكومية أخرى.


تاريخ حقّ الحياة

إليك ما يتعلق بتاريخ حق الحياة:

  • على الرغم من محاولات حماية الحياة البشرية من التأثيرات العديدة عبر التاريخ، تم استخدام مفهوم الحق في الحياة لأول مرة في عام 1444 في قانون بوليكا (Poljica Statute)، والذي تم كتابته بشكل مختصر من قبل السلطات السياسية العليا، حيث يشمل قوانين مكتوبة للنظام الأساسي، بالإضافة إلى قرارات وأحكام تتعلق بحالات فردية.[٧]
  • في 4 يوليو 1776 تمت الموافقة على إعلان استقلال الولايات المتحدة الأمريكية بالإجماع من قبل 13 ولاية، حيث نص الإعلان على أن جميع الناس خلقوا متساوين وأنه تم منحهم حقوقاً معينة غير قابلة للتصرف، ومن بينها الحياة، والحرية، والسعي وراء السعادة.[٨]
  • في عام 1948 أعلن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتماده في المادة الثالثة بأن لكل فرد الحق في الحياة، والحرية، والسلامة الشخصية.[٩]
  • في عام 1950 اعتمد المجلس الأوروبي الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، والذي أعلن عن حق الإنسان في الحياة في المادة الثانية، مع وجود استثناءات لعمليات الإعدام القانونية والدفاع عن النفس، ومنذ ذلك الحين دعا بروتوكول الاتفاقية السادس الدول إلى حظر عقوبة الإعدام إلا في حالات معينة، حيث ينطبق ذلك حالياً على جميع دول المجلس.[٤]


معوّقات وتحديات الحصول على حقّ الحياة

فيما يلي بعض هذه المعوقات والتحديات:[١٠][١١]

  • النزاع المسلح، أو العنف المجتمعي، أو الحرب بدافع الكراهية العرقية، أو الدينية، أو الاضطهاد، أو التعصب، أو الإبادة الجماعية، أو الاحتلال غير القانوني، بالإضافة إلى تعدي الدولة على حريات الأفراد وتعريضهم للخطر.
  • عدم تطبيق قوانين حقوق الإنسان، وقوانين اللاجئين، والقوانين الإنسانية بشكل فعال ومتساوٍ بين أفراد المجتمع.
  • التعرض للتعذيب، أو المعاملة القاسية، أو الأعمال العدائية، أو الإرهاب، وعدم توفير الدولة للحماية، بالإضافة إلى إجبار الأشخاص للخضوع لإجراءات غير عادلة من قبل العدالة الجنائية.
  • وجود مؤسسات حكومية وغير حكومية ضعيفة تفتقر الاستقرار الداخلي والدائم، والتي تحد من القدرة على الحفاظ على حق الحياة، حيث أنها في الغالب تكون نتيجة لسياسات دولية ضعيفة.
  • غياب المساواة العالمية في بعض الحالات؛ وذلك بسبب قلة تمتع الأفراد بنفس الحقوق، أو الفرص، أو نوعية الحياة، أو الاستقرار السياسي في جميع الدول بشكل متكافئ.[١٢]
  • رفض توفير الخدمات الطبية، والغذاء الصحي، والمياه النظيفة لمن لا تتوفر لديه الإمكانيات المادية الكافية.[١٣]


حقوق أخرى مرتبطة بحقّ الحياة

إليك ما يلي بعض تلك الحقوق:[٤][١٤]

  • الحماية من التعذيب، حيث لا يجوز إخضاع أي أحد للتعذيب، أو للمعاملة، أو العقوبة اللاإنسانية، أو المهينة.
  • الحق في الحرية الشخصية، والأمن، والقدرة على التعبير عن الرأي دون الخوف من التعرض لأي أخطار أو تهديدات.
  • الحق في الحصول على محاكمة عادلة، وذلك بتحديد الحقوق والواجبات المدنية لكل مواطن في أي تهمة جنائية موجهة إليه، كما يحق لكل فرد الحصول على محاكمة في غضون فترة زمنية معقولة أمام محكمة مستقلة ومحايدة منشأة بموجب القانون.
  • عدم التعرض لعقوبات دون قانون، حيث لا يدان أي شخص بأي جريمة بسبب فعل أو الامتناع عن فعل ما دون اتباع القانون الوطني أو الدولي.
  • الحق في البراءة حتى تثبت الإدانة، حيث أنه من حق كل شخص متهم بارتكاب جريمة ما أن يتم اعتباره بريئاً حتى يثبت عكس ذلك من خلال الدلائل المتوفرة، بالإضافة إلى الحق في الحصول على مساعدة قانونية للدفاع عن قضيته.
  • عدم التمييز في الحقوق والحريات بناءً على العرق، أو الدين، أو اللغة، أو الجنس، أو المكانة الاجتماعية، أو غيرها، وعدم التمييز على أساس قضائي أو سياسي.


دور الدولة والأفراد في الحفاظ على حقّ الحياة

دور الأفراد

إليك ما يلي ما يتعلق بدور الأفراد:[١٥][١٦]

  • الابتعاد عن استخدام العنف في الحياة اليومية، والتركيز على بدء حوارات فعالة مع أفراد المجتمع الآخرين في حال ظهور اختلافات في الرأي.
  • يأتي التغيير المجتمعي الدائم والمستدام من المنظمات المدنية التي تحركها مبادئ عدم التمييز، والمشاركة، والمساءلة، واحترام كرامة الإنسان، ولكن يبدأ ذلك من تربية الأفراد منذ الطفولة على هذه القيم من قبل العائلة والمدرسة والمجتمع.
  • السعي لجعل الحكومات تقوم بتشكيل السياسات العامة من خلال الدعوة، وتثقيف المسؤولين الحكوميين والسياسيين، والشركات، والمنظمات الدولية، وعامة الناس، فضلاً عن الجهات الفاعلة الأخرى في المجتمع المدني التي تساهم في النهوض بحقوق الإنسان والتنمية المجتمعية.
  • معالجة المجتمعات في حالة النزاع، وذلك من خلال نشر القيم الإنسانية القائمة على التسامح، والعفو، وثقافة الحوار، بالإضافة إلى إعطاء صوت للضعفاء ومساعدتهم للمطالبة بحقوقهم.
  • تثقيف النفس، وزيادة الوعي للقدرة على مساءلة الحكومات، وضمان تطبيق القانون، وتعزيز الحق في الحياة إلى جانب الحقوق الأخرى؛ كالحقوق الاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية.
  • يلعب كل من المواطنين، والناشطين، والمنظمات، والتجمعات، والكتّاب، والصحفيين، والمراسلين دوراً حيوياً في تشجيع الحكومات على احترام حقوق الإنسان وأهمها الحق في الحياة، مما يحافظ على بناء مجتمع صحي وحيوي.
  • تجديد الالتزام تجاه المجتمع المدني في كل مرة يتم فيها إعطاء صوت للمنظمات غير الحكومية، والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان بشكل عام، والحق في الحياة بشكل خاص.


دور الدولة والجهات المعنية

إليك ما يتعلق بذلك:[١٧][١٨]

  • حظر استخدام الأسلحة بجميع أنواعها، والتي تؤدي إلى خسائر بشرية كبيرة خاصة في أوقات الحرب، بالإضافة إلى أسلحة التدمير الشامل، والأسلحة النووية، والتي تنتشر بنحو متزايد، وتهدد الحياة الإنسانية، بالإضافة إلى تدمير الموارد بدلاً من استخدامها لأغراض اقتصادية واجتماعية.[١٩]
  • على الرغم من أن المسؤولية الأساسية لتعزيز الحق في الحياة وحمايتها تقع على عاتق الحكومات الوطنية، إلا أنه لها دور كبير أيضاً في المحافظة على الحقوق من خلال تقديم الخدمات العامة المحلية.
  • التثقيف في مجال حقوق الإنسان، وزيادة والوعي، وتدريب الموظفين في القطاعين العام والخاص على المستويين الوطني والمحلي على حدّ سواء، حول أهمية المحافظة على حق الحياة.
  • إنشاء مؤسسات جديدة وفعالة لحقوق الإنسان، وفي الوقت ذاته تعزيز الآليات الحكومية وغير الحكومية القائمة التي تلعب دوراً في حقوق الإنسان.
  • توسيع برامج التدريب الإقليمية في مجال حقوق الإنسان لتشمل جميع المناطق والفئات.

المراجع

  1. "Article 2: Right to life", Equality and Human Rights Commission , Retrieved 25/6/2021. Edited.
  2. المركز اللبناني لحقوق الإنسان، الحقوق المدنية والسياسية في لبنان في العام 2012، صفحة 4. بتصرّف.
  3. "Article 2: Why The Right To Life Matters", Each Other, 6/11/2015, Retrieved 25/6/2021. Edited.
  4. ^ أ ب ت Council of Europe, European Convention on Human Rights, Page 6. Edited.
  5. "What are human rights?", Equality and Human Rights Commission, Retrieved 25/6/2021. Edited.
  6. "Right to life", Council of Europe, Retrieved 25/6/2021. Edited.
  7. "The legal protection of the right to life of unborn human in international and national legislation", Christian Psychology, Retrieved 25/6/2021. Edited.
  8. "Declaration of Independence: A Transcription", National Archives, Retrieved 25/6/2021. Edited.
  9. "Universal Declaration of Human Rights", United Nations, Retrieved 25/6/2021. Edited.
  10. "HUMAN RIGHTS AND ARMED CONFLICT", Icelandic Human Rights Centre, Retrieved 25/6/2021. Edited.
  11. Arjen Boin, weak institution is an,specific behavior for specific situations "Weak Institution", SAGE Knowledge, Retrieved 25/6/2021. Edited.
  12. "What is Global Inequality?", kids boost immunity, Retrieved 25/6/2021. Edited.
  13. "What Are Human Rights Violations?", Human Rights Careers, Retrieved 25/6/2021. Edited.
  14. OPSEU/SEFPO, 30 Basic Human Rights List: Universal Declaration of Human Rights, Page 3. Edited.
  15. United Nations, Civil Society, Page 2. Edited.
  16. "Civil Society Provides the Critical Foundation for Promoting All Human Rights", U.S. Mission to International Organizations in Geneva, 15/9/2011, Retrieved 25/6/2021. Edited.
  17. "Local Government and Human Rights", United Nations Human Rights Office of the High Commissioner , Retrieved 25/6/2021. Edited.
  18. "Promoting Human Rights - Good Governance, the Rule of Law and Democracy", Australian Human Rights Commission, Retrieved 25/6/2021. Edited.
  19. "التعليق العام رقم 16 المادة 6 (الحق في الحياة)"، مكتبة حقوق الإنسان لجامعة منيسوتا ، اطّلع عليه بتاريخ 25/6/2021. بتصرّف.