الحق في التعليم هو أحد حقوق الإنسان الأساسية بغض النظر عن العرق، أو الجنس، أو الجنسية، أو المكانة الاجتماعية، أو الدين، أو الميول السياسي، أو العمر، أو الإعاقة، حيث أن الحصول على تعليم ابتدائي مجاني هو حق معترف به عالمياً منذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948، وتم تكريسه في مختلف الاتفاقيات الدولية، والدساتير الوطنية، وخطط التنمية على مستوى العالم.[١]


مضمون حقّ التعليم

يعتبر حق التعليم أداة قوية يمكن من خلالها تعزيز المشاركة الكاملة للأفراد في المجتمع؛ وذلك لتحقيق الازدهار الاجتماعي، والاقتصادي، والتنمية المستدامة، كما أنه يساعد في تطوير إمكانيات الأفراد وضمان حصول الجميع على الرفاهية الفردية والجماعية، حيث يتضمن هذا الحق ما يلي:[٢]

  • الحق في الحصول على تعليم ابتدائي مجاني وإلزامي.
  • الحق في الحصول على تعليم ثانوي، بما في ذلك التعليم والتدريب التقني والمهني، حيث يجب أن يكون هذا الحق متاحاً للجميع بغض النظر عن إمكانياتهم.
  • الحق في الحصول على التعليم العالي بشكل متساوٍ بين المواطنين حسب مؤهلاتهم الأكاديمية، حيث تعمل الكثير من الدول على جعله مجاناً بشكل تدريجي، بالإضافة إلى توفير التعليم الأساسي للأفراد الذين لم يستطيعوا إكمال تعليمهم الابتدائي.
  • الحق في الحصول على تعليم ذو جودة عالية سواء أكان ذلك في القطاع العام أو الخاص.
  • الحرية الشخصية لاختيار نوعية المدارس التي تتفق مع إمكانيات ومعتقدات الطلاب والعائلات.


أهمية حقّ التعليم

يعد التعليم حقاً اجتماعياً وثقافياً رئيسياً له العديد من الآثار الإيجابية على كل من الفرد والمجتمع في الكثير من النواحي الحياتية، ومنها:[٣]

  • يلعب التعليم دوراً مهماً في الحدّ من الفقر وعمالة الأطفال، كما أنه يعزز الديمقراطية، والسلام، والتسامح، والتنمية، والنمو الاقتصادي.
  • يعمل التعليم على تنمية شخصية الأفراد وقدراتهم العقلية والجسدية إلى أقصى الإمكانات.
  • تنمية احترام حقوق الإنسان، والمبادئ المكرسة في ميثاق الأمم المتحدة العالمي، والحريات الأساسية.
  • تنمية احترام الأفراد لأنفسهم، وتعزيز هويتهم الثقافية واللغوية، والقيم الاجتماعية والوطنية للبلد الذي يعيشون فيه، بالإضافة إلى تعريفهم بالحضارات والثقافات المختلفة حول العالم.
  • إعداد الأفراد لحياة مسؤولة في مجتمع حرّ يقوم على روح التفاهم والسلام والمساواة بين الجنسين، والصداقة بين جميع الشعوب والجماعات العرقية والقومية والدينية.
  • تنمية احترام الأفراد للبيئة الطبيعية، وتقدير المعرفة والعلوم.


تاريخ حقّ التعليم

مرّ حق التعليم بالكثير من المراحل قبل اعتباره أحد حقوق الإنسان المعترف بها دولياً، ومن هذه المراحل:[٤][٥]

  • بدأ الاهتمام بالتعليم باعتباره وظيفة أساسية للأفراد بعد الثورة الفرنسية في عام 1789 والثورة الأمريكية في عام 1775، حيث كان يُعتقد بأن الدولة يمكن أن تساعد في جعل التعليم متاحاً للجميع؛ وذلك من خلال زيادة الأنشطة التعليمية والمؤسسات الأكاديمية.
  • أصبح التعليم بعد ذلك متاحاً بشكل أساسي للطبقات الاجتماعية العليا، وكان يُنظر إليه على أنه وسيلة لتحقيق مُثل المساواة التي نادت بها الثورة الفرنسية والثورة الأمريكية آنذاك، ومع ذلك لم يكن يحمي إعلان الاستقلال الأمريكي الذي صدر في عام 1776، والإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن في عام 1789، والحق في التعليم كما تصورت المفاهيم الليبرالية لحقوق الإنسان في القرن التاسع عشر، كما أن العائلات لم تكن تلتزم بإرسال الأبناء للدراسة.
  • كان من واجب الدولة أن تلزم الآباء بالامتثال لواجب التعليم، لذلك سنّت العديد من الولايات تشريعات تجعل الالتحاق بالمدارس إلزامياً، كما تم سنّ قوانين عمالة الأطفال للحدّ من عدد ساعات تشغيل الأطفال في اليوم لضمان التحاقهم بالمدرسة.
  • تم تصميم المادة التي تنص على أن التعليم حقّ للجميع في الفترة التي أعقبت إقرار التعديل الدستوري رقم 86 في عام 2002، والذي أعلن أن التعليم حقّ أساسي لجميع الأطفال في الفئة العمرية من 6-14 عاماً.
  • أدت العملية التشاركية المتمثلة في الدعوة إلى التعليقات من الدول المشاركة بعدة مسودات مختلفة إلى تشريع القانون، حيث قام مجلس الوزراء الاتحادي بختم موافقته عليه في عام 2008، وتم إقراره بشكل رسمي في عام 2009.


متطلبات تحقيق حقّ التعليم

يشمل الحق في التعليم العديد من الاعتبارات والمتطلبات المباشرة وغير المباشرة، ومنها:[٦]

  • يجب أن توفر الدولة البنية التعليمية من مؤسسات وبرامج لجميع الأفراد، بحيث تكون مجهزة بكامل المواد والمرافق اللازمة لكلا الجنسين، وذلك لضمان سير عملها بسلاسة وفعالية كبيرة؛ مثل المباني المدرسية، ومعدات الدراسة، والقرطاسية، وتوفير المعلمين والإداريين ذات الكفاءة العالية، بالإضافة إلى الالتزام بالقواعد والمعايير الصحية.
  • توفر إمكانية الالتحاق لجميع الأفراد، حيث يجب أن تكون المؤسسات التعليمية في متناول الجميع وخاصة للفئات الضعيفة، من غير التعرض لأي عنصرية أو تمييز بناءً على العرق، أو الظروف الاقتصادية، أو الجنس، أو مكان الإقامة أو غيرها، بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يتم بناء المدارس في مواقع آمنة وقريبة من المجتمعات المحلية بعيداً عن المناطق النائية، وتوفير وسائل مواصلات للالتحاق بها، ولا بد أيضاً من المطالبة بأن يكون التعليم مجانياً في مراحله كافة، وتوفير إمكانية الالتحاق بغض النظر عن الوضع المادي.
  • يجب أن تتماشى المناهج الدراسية وأساليب التدريس مع قدرات الطلاب وإمكانيات الآباء، حيث يعتمد ذلك على الأهداف الأكاديمية الشاملة، والمعايير التعليمية التي تحددها كل من المؤسسات والدولة.
  • يجب أن يكون التعليم مرناً، بحيث يستطيع التكيف مع احتياجات المجتمع المتغيرة مثل التكنولوجيا، بالإضافة إلى الاستجابة لمطالب واحتياجات الطلاب الاجتماعية، والثقافية، واحترام التنوع.


مستويات حقّ التعليم

إليك ما يلي توضيح لهذه المستويات:

  • التعليم الابتدائي: وهو برنامج إلزامي مدته أربع سنوات من التعليم المدرسي، حيث يغطي الصفوف من الصف الأول إلى الصف الرابع، ويعتبر المرحلة الأولى من التعليم الرسمي الذي يوفر صلة بين التعليم قبل الابتدائي والتعليم الابتدائي، حيث يزود هذا البرنامج الأفراد بأساسيات الكتابة، والقراءة، والحساب، بالإضافة إلى النضج الأخلاقي والاجتماعي وأسس الثقافة.[٧]
  • التعليم الثانوي: وهو المرحلة الثانية التي توجد تقليدياً في التعليم الرسمي، والتي تبدأ من سن 11-13 عاماً، وتنتهي عادة في سن 15-18 عاماً، ولكن أصبح الانقسام بين التعليم الابتدائي والتعليم الثانوي أقل وضوحاً في بعض البلدان، ليس فقط فيما يتعلق بالمناهج الدراسية، ولكن أيضاً في المفهوم المؤسسي.[٨]
  • التعليم العالي: وهو أي نوع من أنواع التعليم المختلفة التي تقدمها مؤسسات التعليم ما بعد الثانوي، حيث عادة ما يحصل الطالب في نهاية البرنامج على درجة علمية أو دبلوم أو شهادة دراسات عليا، ولا تشمل مؤسسات التعليم العالي الجامعات والكليات فحسب، بل تتمثل أيضاً بالعديد من المدارس المهنية التي تقدم تدريبات في مجالات مثل؛ القانون، والطب، والأعمال، والموسيقى، والفنون.[٩]


معوّقات وتحديات الحصول على حقّ التعليم

إليك فيما يلي بعض هذه المعوقات:[١٠]

  • توفير التعليم المجاني للجميع قد يكون مكلفاً من الناحية المادية للكثير من الدول.
  • التفاوت في توفير التعليم والتمييز بين الأفراد؛ وذلك على أساس المكانة الاجتماعية والقدرة المالية.
  • قد يكون كل من الهجرة والنزوح سبباً أساسياً في عدم الحصول على حق التعليم، حيث أثبت تقرير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لعام 2019 أنه من بين 7.1 مليون طفل لاجئ في سن الدراسة، هناك 3.7 مليون لا يذهبون إلى المدرسة.
  • الخصخصة وأثرها السلبي في الحصول على حق التعليم، حيث تحتاج الدول إلى تحقيق توازن بين الحرية التعليمية، وضمان حصول كل فرد على تعليم جيد.
  • التمويل الكبير للتعليم، حيث تتطلب خطة التعليم لعام 2030 من الدول تخصيص 15-20% على الأقل من الإنفاق العام لتوفير مؤسسات تعليمية ودعم الطلاب.
  • تدني متطلبات الجودة وتقدير مهنة التدريس، حيث أثبتت الدراسات أن ثلثي الأطفال والمراهقين في العالم والذين يقدر عددهم بـ 617 مليون شخص لا يستطيعون قراءة جملة بسيطة، أو حلّ حسابات رياضية أساسية.


انتهاكات حقّ التعليم

وفقاً لأحدث الأرقام المتاحة من معهد اليونسكو للإحصاء في يوليو 2016، هنالك 263 مليون طفل وشاب حول العالم لا يذهبون إلى المدرسة،[١١] حيث قد يرجع ذلك إلى العديد من الانتهاكات لحق التعليم، ومنها:[١٢][١٣]

  • فشل بعض الدول في اتخاذ الإجراءات المباشرة التي ينص عليها القانون، وذلك بتوفير تعليم مجاني وإلزامي للأطفال في المرحلة الابتدائية بسبب الفساد، أو تدني الوضع الاقتصادي.
  • في حين أن الغالبية العظمى من الدول قد صدقت على المعاهدات الدولية التي تعترف بالحق الكامل في التعليم، إلا أن الملايين حول العالم محرومين من ذلك بسبب نقص الموارد، والقدرات، والإرادة السياسية.
  • لا تزال هناك دول لم تدمج الحق في التعليم في دستورها الوطني أو لم توفر الأطر التشريعية والإدارية؛ وذلك لضمان إعمال الحق في التعليم ضمن الممارسة العملية، حيث ينتمي معظم الأطفال والبالغين الذين لا يتمتعون بشكل كامل بالحق في التعليم إلى الفئات الأكثر حرماناً وتهميشاً في المجتمع.
  • قد تكون انتهاكات الحق في التعليم نتيجة الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في بعض البلدان، وإخفاق الحكومات في توفير الحماية الكافية، والتي يحق لهم الحصول عليها بموجب اتفاقية حقوق الطفل، أو لمواجهة الانتهاكات التي ترتكبها الجهات الحكومية أو غير الحكومية.


دور الدولة والأفراد في تعزيز حقّ التعليم

دور الأفراد

إليك ما يلي دور الأفراد:[١٤][١١]

  • يجب على الآباء والأمهات تشجيع أطفالهم على الالتحاق بالمدرسة؛ وذلك من خلال اختيار مؤسسات أكاديمية تلبّي الحدّ الأدنى من المعايير.
  • يجب أن يقوم أفراد المجتمع بالإشراف على المدارس ومكوناتها المختلفة؛ وذلك بهدف تحسين سير العملية التعليمية، والتأكد من أن المعلمين لديهم كفاءة عالية، فذلك يضمن حق الأطفال في الحصول على تعليم جيد.[١٥]
  • يلعب الأخصائيون الاجتماعيون والمعلمون، والاستشاريون، والإداريون، دوراً حيوياً في ربط العائلات في المدرسة، وذلك من خلال تشجيع مشاركة الآباء والأمهات في الحياة المدرسية للأطفال، حيث تعتبر مشاركة الأسرة مسؤولية مشتركة مع الموظفين والمعلمين؛ وذلك لتحقيق الأهداف التعليمية وتشجيع نمو الطلاب.
  • القضاء على العوامل التي تحد من الحصول على حق التعليم؛ مثل جدولة النزاعات، وقضايا النقل، ونقص الوعي الثقافي، أو التمييز ضد الأقليات، حيث يعد العمل معاً للتغلب على هذه العقبات جزءاً أساسياً من المشاركة النشطة في تعليم الأفراد.


دور الدولة والجهات المعنية

إليك بعض المعلومات المتعلقة بدور الدولة:[١٠]

  • دعم الدول لإنشاء أطر وطنية متينة تخلق الأساس القانوني والظروف الجيدة؛ وذلك لتوفير التعليم المستدام للجميع.
  • الدفاع عن مبادئ الحق في التعليم، والالتزامات القانونية؛ وذلك من خلال إجراء البحوث والدراسات حول القضايا الرئيسية.
  • الحفاظ على أدوات الإنترنت العالمية التي تتعلق بالحق في التعليم.
  • تعزيز القدرات، والإمكانيات، والوعي بالتحديات الرئيسية لتوفير الحق في التعليم.
  • تطوير الشركات والشبكات بين الحكومات والدول حول القضايا الرئيسية التي تحد من توفير الحق في التعليم.
  • توجه اليونسكو توصيات إلى البلدان من خلال التعاون مع هيئات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة؛ وذلك لتحسين وضع الحق في التعليم على المستوى الوطني.

المراجع

  1. Monitoring Report.-,The right to education is a fundamental human right.,to a free elementary education. "The right to education", norad, Retrieved 25/6/2021. Edited.
  2. "الحق في التعليم"، مشروع الحق في التعليم ، اطّلع عليه بتاريخ 25/6/2021. بتصرّف.
  3. "THE RIGHT TO EDUCATION", unicef, Retrieved 25/6/2021. Edited.
  4. Klaus Dieter Beiter, [https://books.google.jo/books?id=VWs2UCuG-XQC&q="right to education"&redir_esc=y#v=snippet&q="right to education"&f=false The Protection of the Right to Education by International Law:], Page 44-161. Edited.
  5. Right to Education Legislation A history.pdf "The Right to Education Legislation: A history", Right To Education, Retrieved 25/6/2021. Edited.
  6. "الحق في التعليم"، الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، اطّلع عليه بتاريخ 25/6/2021. بتصرّف.
  7. "Primary Education", European Commission, Retrieved 25/6/2021. Edited.
  8. "Secondary Education", britannica, Retrieved 25/6/2021. Edited.
  9. "Higher Education", britannica, Retrieved 25/6/2021. Edited.
  10. ^ أ ب "What you need to know about the right to education", UNESCO, 26/11/2020, Retrieved 25/6/2021. Edited.
  11. ^ أ ب their obligations?-,What is the right to education?,of their other human rights. "Right to education", theirworld, Retrieved 25/6/2021. Edited.
  12. "Understanding education as a right", Right to Education, Retrieved 25/6/2021. Edited.
  13. "The Education Deficit", Human Rights Watch, Retrieved 25/6/2021. Edited.
  14. "The Importance of Family Involvement at School", Youth First, Retrieved 25/6/2021. Edited.
  15. "Role Functions and Importance of Society in Education", YogiRaj NOTES, Retrieved 25/6/2021. Edited.