تُعرف المواطنة بأنها المكان الذي ينتمي له الفرد بشكل دائم، ويحمل جنسيته، ويُكن له الولاء والانتماء، وتعبر المواطنة عن العلاقة بين الدولة والأفراد التابعين لها، وتُبنى هذه العلاقة على جُملة من الحقوق والواجبات التي يلتزم بها كل من الطرفين، وتتضمن مجموعة من الحقوق الأساسية ومنها؛ الحقوق السياسية، والاجتماعية، والمدنية وغيرها، وأما الواجبات فيمكن تحديد الأساسية منها كواجب احترام القانون وسيادته، وحماية الوطن عند الحاجة لذلك وغيرها، ويعتبر مصطلح المواطنة قديمًا، إذ تعود بداية ظهوره إلى الحضارة اليونانية القديمة التي كانت تُعطي مواطنيها الحق في التدخل بشؤون الدولة، والمشاركة في اتخاذ القرارات.[١][٢]


قيم المواطنة

إليك ما يلي ذكر لبعض قيم المواطنة:[٣]

  • سيادة القانون: وذلك باعتبار أن القانون هو السُلطة العُليا، بحيث يكون نافذًا على كل من الدولة والمواطنين والحكومة، وتعتبر القوانين الصادرة منه حامية لحقوق الأفراد، ومن أهم القوانين المنبثقة منه مبدأ فصل السلطات الثلاث؛ التشريعية، والقانونية، والتنفيذية، وباعتبار أن الجميع يرضخ لسيادة القانون فذلك سيؤدي إلى إنهاء النزاعات، وتحقيق التقدم في تنمية الدولة الاقتصادية والاجتماعية، وحماية فعالة لحقوق الإنسان.
  • الاعتدال والوسطية: ويكون بأخذ الأمور بالتروي والبحث المستمر للوصول إلى الحقائق بكافة الاتجاهات، ويعتبر بأنه موقف سلوكي وفكري وأخلاقي، ويعتمد على النظرة المتوازية للأمور.
  • الشفافية: وهي توفر معلومات واضحة ودقيقة وشاملة، وتستخدم الدراسات للوصول إلى نتائج يتم توظيفها بهدف التحسين والتطوير بخدمات الدولة، وتعزيز الثقة والاحترام بين الحكومة والمواطنين، فتعد الشفافية ركنًا مهمًا من أركان المصداقية، والمساءلة، والنزاهة.
  • الإيمان بالحوار وتقبل الآخر: من أهم ركائز الحوار هو احترام الرأي والرأي الآخر، فيُعد تقبل الآخر أساسًا لتكوين نظام الديمقراطية في المجتمع، ولا يمكن الوصول إلى نتائج صحيحة إلا إذا كان هنالك احترام متبادل بين الأطراف وتقبل للرأي الآخر، ولا يُعد احترام الرأي الآخر موافقة عليه، وإنما هي طريقة وأسلوب للحوار المتحضر القائم على التسامح.
  • احترام التنوع: لكون المواطنة لا تتأثر بنوع أو لون فهذا سيؤدي إلى تكون مجتمع متنوع بمواطنيه، ويكون هذا التنوع بالديانة، أو اللغة، أو الشكل، أو الثقافة، أو التفكير، أو بالمعتقدات، وهنا يتجلى مبدأ سيادة القانون والمساواة، حيث يجب تقبل الآخر واحترامه لكون هذا الاختلاف والتنوع في المجتمع يمده بالقوة والمتانة، ويزيد من تطوره ونهضته وتقدمه.
  • التطوع أو العمل التطوعي: ويعني تطوع الأفراد للعمل ضمن مجموعة بهدف تقديم مساعدة أو خدمة اجتماعية غير مدفوعة الثمن؛ فإما أن تكون بتقديم خدمات الرعاية الصحية، أو من خلال حملة للمحافظة على البيئة، أو مساعدة لكبار السن والعجزة.
  • المساءلة: هي الطريقة المُتبعة لاكتشاف مدى التحلي بالمسؤولية، والواجبات، والالتزام بالقانون لتحقيق ضمان المحاسبة والنزاهة، ولنجاح هذه العلمية يجب توفير كافة الحريات، وتحقيق مبدأ سيادة القانون، وتوفر الشفافية.
  • المسؤولية: التزام الفرد بأفعاله وأقواله الصادرة منه، وهي إحدى الطرق للتعبير عن الرأي، ولكن يجب مراعاة الآخرين، واحترام وجهات نظرهم.
  • التعددية: تظهر التعددية بالتنوع لأفراد المجتمع، واختلاف مواقفهم ووجهات نظرهم اتجاه القضايا المختلفة، وتشمل التعددية أشكالًا كثيرة ومختلفة ومنها؛ التعددية الاقتصادية، والتعددية السياسية، والتعددية الثقافية وغيرها من الأنواع، ويعد سبب ظهور مثل هذه الأشكال للتعددية إلى وجود أكثر من ديانة وأكثر من جهات سياسية.
  • التسامح: ويكون بالابتعاد عن إيذاء الآخرين والإضرار بهم.
  • المشاركة: وهي أن يكون للمواطن دورًا سواء أكان مباشرًا أو غير مباشر، وذلك من خلال مؤسسات شرعية مصرح لها تمثل مصالح المواطنين وتنوب عنهم.
  • المساواة: المواطنون متساوون تحت سيادة القانون، ويحصلون على الفرص المتساوية سواء من ناحية التعليم، أو الرعاية الصحية، أو فرص العمل والتوظيف بغض النظر عن الاختلاف الموجود فيما بينهم.


مقياس قيم المواطنة

من أهم مقاييس مقومات المواطنة ما يلي:[٤]

  • الاستقلالية والتفكير الناقد: وتكون بموقف الفرد باتخاذ القرارات الصحيحة، وأن تكون لديه القدرة على إثبات صحتها، والاستماع لآراء الآخرين المختلفة عنه، ومحاولة إدراكها والتعرف على ماهيتها.
  • التضامن وقبول الآخر والتسامح: وتشمل عدة مفاهيم وهي؛ بتقبل التعددية المجتمعية للأفراد، ومساعدة الغير والتخفيف من أوجاعهم وآلامهم، والوقوف مع أفراد الوطن الواحد ضدّ أي كوارث أو نزعات قد تصيب الدولة التي ننتمي لها.
  • الانفتاح والتحرر من الضوابط الاجتماعية والسياسية: وهي بالاطلاع على تجارب الغير، والابتعاد عن التعصب، واحترام اختلاف الآخرين وتقبله.


معوقات تعزيز قيم المواطنة

تتمثل هذه المعوقات بما يلي:[٥]

  • الممارسات السلبية التي تقوم بها إدارات الدولة عند قيامها بتقديم خدمات مختلفة للأفراد؛ وذلك بعدم المصداقية في تطبيقها بحيث تطبق بشكل مخالف للأنظمة، وتراعي عند تطبيقها المحسوبيات والواسطة، مما يؤدي إلى ضعف بهيكلية الدولة.
  • الابتعاد عن المبدأ الأساسي للمواطنة وهو عدم المساواة، سواء أكان الانحياز لأسباب ثقافية، أو دينية، أو لأسباب سياسية، أو مذهبية.
  • انتشار الأمراض المجتمعية من الفقر، والبطالة، وانتشار للجرائم، والمفهوم الخاطئ للعشائرية.
  • وجود ضعف في الهيئة التشريعية للدولة، خاصة التشريعات التي تتعلق بحقوق المواطنين، وحرياتهم، أو التشريعات التي تحدد طبيعة علاقة الأفراد بالدولة.
  • عدم وجود ضمان دستوري أو قانوني لحماية حقوق المواطنين ويأمن حرياتهم، وقد تكون هنالك ضمانات ولكنها غير مجدية وغير فعّالة.
  • الاستغلال الديني لنشر ثقافات عدوانية من العنف والكراهية بين أفراد الدولة، وهيمنة الجماعات الدينية الكبيرة على الأفراد.
  • التهاون بتطبيق العقوبات المنصوص عليها، وضعف الأجهزة الأمنية وعدم فعاليتها، وانعدام الثقة بين المواطنين والدولة لشعورهم بأن خيرات الوطن تذهب لغيرهم.


أدوار ترسيخ قيم المواطنة

دور الأسرة في ترسيخ قيم المواطنة

يعود الدور على الأسرة بتعزيز مفهوم الوطنية لدى الأبناء من خلال:[٦]

  • تنشئة الأبناء على القيم الأخلاقية بجعلهم أعضاء صالحين في المجتمع من غرس هذه المفاهيم؛ كالمحبة، والصدق، والولاء، والانتماء.
  • غرس مفاهيم حُب الوطن والانتماء لكونه هو الكيان الذي ينتمي إليه الفرد ويدافع عنه إن لزم الأمر.
  • التفاعل الاجتماعي للأبناء مع من يحيطون بهم، وتكون في البداية مع أفراد الأسرة ثم تشمل أفراد المجتمع.


دور المدارس في ترسيخ قيم المواطنة

يتمثل دور المدارس في ذلك من خلال ما يلي:[٧]

  • تعزيز الولاء لقادة البلاد، والعمل بتوجيهاتهم.
  • تشجيع الطلاب للمحافظة على ممتلكات الوطن ومكتباته.
  • غرس حُب الوطن في نفوس الطلاب والدفاع عنه.
  • تشجيع على ترابط الألفة والمودة بين الطلبة.
  • إكساب الطلبة قيم المجتمع وتقاليده.


دور الجامعات في ترسيخ قيم المواطنة

ويظهر هذا الدور من خلال ما يلي:[٨]

  • احتواء المناهج والبرامج الأكاديمية على نصوص مباشرة أو غير مباشرة للتنمية الوطنية وأهميتها.
  • اعتماد طرق تدريس تظهر الجوانب المختلفة للانتماء للوطن، وتعزيز حُب الوطن لدى الطلاب.
  • العمل على بناء شخصيات ثقافية ووطنية قادرة على التأثير بالمجتمع.


دور الإعلام وشبكات التواصل في ترسيخ قيم المواطنة

يظهر هذا الدور من خلال ما يلي:[٩]

  • يعد وسيلة للمواطنين للتعبير عن قضاياهم، وإتاحة المجال لهم للتعبير أيضاً عن آرائهم ومناقشتها.
  • دوره في إظهار الظلم الذي يتعرض له المواطنين من تعذيب أو إضهاد لحقوقهم.
  • دوره في مراقبة السلطات الثلاث.

المراجع

  1. المواطنة "مفهوم المواطنة "، الموسوعة السياسية، اطّلع عليه بتاريخ 7/6/2021. بتصرّف.
  2. الدكتــورة حفيظــة شــقير، الاستاذة يسرا فراوس، الشبــــــــاب و المواطنة الفعالة، صفحة 34. بتصرّف.
  3. زياد العلاونة، المواطنة، صفحة 29. بتصرّف.
  4. عبد الله لبوز، قيم المواطنة المعبر عنها عند مدّرسي المواد الإجتماعية وعلاقتها بإتجاهاتهم نحو المنهاج الدراسي، صفحة 32. بتصرّف.
  5. فرحان المساعيد، المساعيد.doc المواطنة ومقوماتها في الدستور الأردني لسنة 1952م، صفحة 75. بتصرّف.
  6. سعيد حمدان، دور الأسرة في تنمية قيم المواطنة لدى الشباب في ظل تحديدات العولمة، صفحة 26. بتصرّف.
  7. فاطمة سرور، محمد العزام، دور مناهج التربية الإسلامية المطورة في تنمية قيم المواطنة الصالحة، صفحة 495. بتصرّف.
  8. محمد خطيب، _الجامعة_في_ترسيخ_وتعزيز_قيم_الإنتماء_والمواطنة.pdf دور الجامعة في ترسيخ وتعزيز قيم اإلنتماء والمواطنة لدى طلبتها في ضوء التغيرات الثقافية، صفحة 156. بتصرّف.
  9. خالد منصور، دور الإعلام الجديد في تعزيز قيم المواطنة، صفحة 142. بتصرّف.