ما هي الحقوق الطبيعية؟ وماذا تعني؟

تعتبر الحقوق بشكل عام بأنها الشروط الأساسية للحياة البشرية، ودونها لا يستطيع الأفراد إدراك ما لهم، فعند امتلاكهم لهذه الحقوق يستطيعون تنمية شخصياتهم والمساهمة بشكل أفضل في نمو مجتمعهم، وللحقوق أنواع مختلفة وعديدة، ومن أهمها الحقوق الطبيعية للأفراد؛ كالحق في الملكية، وحق الحياة، وحق الحرية؛ وذلك بحكم طبيعتهم البشرية وليس بناءً على القوانين والعادات السائدة.^[١][٢]

مفهوم الحقوق الطبيعية

يُعتبر مفهوم الحقوق الطبيعية وجوانبه وأبعاده المختلفة من الأسُس لفكرة حقوق الإنسان في الفكر الغربي، وذلك باعتبار أن الحقوق الطبيعية كالحرية، والتملك، وحق المساواة، ما هي إلا حقوق فرضها وشرّعها قانون الطبيعة لكونها مصدر القوانين الثابتة للأفراد، ويعتبر مفهوم الحقوق الطبيعية بلورة لرؤية فلسفية تشكلت في القرن الثامن عشر تحث على أن الفرد بطبيعته الآدمية يمتلك حقوقًا مستمدة من طبيعته، فهي ثابتة ولا تنتزع، وهي حقوق لا يمنحها المجتمع لأفراده إنما يقر ويعترف بها، ويقوم هذا المفهوم على عدة أُسس ومنها:^[٣]

• الحقوق الطبيعية للأفراد لا تقوم على الوجود القانوني أو السياسي؛ وذلك لأن الأفراد يُخلقون بحقوقهم الطبيعية، وعند ظهور المجتمع المدني يأخذ الأفراد حقوقهم الطبيعية إلى مجتمعاتهم المدنية.
• اعتبرت الحقوق الطبيعية أن مفهوم الحرية أساس للوجود الإنساني.
• يخضع جميع الأفراد لقوانين الحقوق الطبيعية؛ فالجميع متساوون ومستقلون، ولا يُسمح لأحد أن يسيء لأحد سواء بتعديه على حريته، أو صحته، أو حياته، أو على ممتلكاته.

تاريخ الحقوق الطبيعية

تطور مفهوم الحقوق الطبيعية خلال الفترات كما يلي:^[٢]

• يعود أصل الحقوق الطبيعية إلى الفلاسفة والمفكرين اليونانيين القدامى منذ قرابة القرن الرابع قبل الميلاد، ومن أهم الفلاسفة الذين ناقشوا مبادئها أرسطو.
• وفي العصور الوسطى أكدوا على أن الأفراد متساوون بطبيعتهم، ولهم نفس الحقوق وبضم حقّ الملكية لها.
• أما في العصور الحديثة تم تناول الحقوق الطبيعية، وتطوير نظريتها من قبل الفلاسفة والمفكرين أمثال توماس هوبز وجون لوك، وكان الأخير الأكثر تأثيراً بهذه الحقوق، وقد قام بتقديم أطروحات تبحث في فترة ما قبل انتشار الدول بأن كان هنالك حالة طبيعية، بحيث يمتلك الأفراد فيها حرية التملك والحياة.

أسس الحقوق الطبيعية

ومن أهم هذه الأسس ما يلي:^[٤]

• القانون الطبيعي والعناية الإلهية: حيث اعتبر الفلاسفة أن القوانين والحقوق الطبيعية عبارة عن عناية إلهية، وهو مشاركة بين القانون الأبدي والقانون الطبيعي، وبأن الطبيعة هي من إرادة الله، فالكائنات العاقلة وغير العاقلة لها نصيب في هذه الطبيعة.
• القانون الطبيعي والعقلانية العلمية: وهي أن القانون الطبيعي يشكل المبادئ الأساسية للعقلانية العملية للبشرية، وبأن القانون الطبيعي يشكل المبادئ الأساسية للعقلانية العملية، فذلك يدل على أن مبادئ القانون الطبيعي ملزمة عالميًا بطبيعتها، وأن مبادئ القانون الطبيعي يمكن معرفتها عالميًا بواسطة الطبيعة.
• جوهر رأي القانون الطبيعي: يعرف المبدأ الأساسي للقانون الطبيعي بأن الخير يجب فعله ويجب الابتعاد عن الشرّ، ويمكن القول إن هذا الفعل فقط الذي يمكن فهمه على أنه يتوافق مع هذا المبدأ الخيّر، كما أنه يظهر ضمن فكرة أنه يجب البحث الخير وتجنب الشر، ويمكن أن يُفهم على أنه عمل واضح، لكن لا أحد يستطيع أن يسعى وراء الخير في العمل بسهولة.

الحقوق الطبيعية 

الحقوق الطبيعية للأفراد

هناك حقوق طبيعية عديدة للأفراد، ومنها:^[٥]

• الحق في الحرية: وذلك على اعتبار أن الأفراد لهم الحق في الحياة بحرية، وأن تكون تحركاتهم غير مقيدة، ويمتلكون حرية الفكر الخاصة بهم، وحصولهم على حقهم بالخصوصية في حياتهم.
• الحق في الحفاظ على الحياة: ويتمثل ذلك من خلال أن لكل الأفراد الحق في الحياة، ولا يمكن لأي سلطة أن تسلبهم هذا الحق، ويتمثل من خلال الدفاع عن النفس ضدّ أي شخص قد يسبب الأذى للفرد، ويعد جميع الفلاسفة على مرّ الزمان أن الحق في الحفاظ على الحياة من أهم الحقوق الطبيعية التي يجب أن يحصل عليها الفرد.
• الحق في تكوين أسرة: لكل فرد الحق في الزواج وتكوين أسرة خاصة به، ولا يجب الحصول على موافقة الدولة أو الحكومة لتحقيق ذلك.
• الحق في التملك: وذلك بأحقية كل فرد بالتملك سواء بمفرده أو مع جماعة، ويمتد هذا المفهوم ليشمل الأفراد وأحقيتهم في الحصول على العمل الخاص بهم.
• الحق في كسب العيش: للأفراد الحق في العمل لكسب لقمة العيش، واعتبر الفلاسفة أن سعي الإنسان لتحقيق السعادة يشمل حقهم في حريتهم الاقتصادية، وبعدم قدرة أي حكومة على منع أي شخص من السعي للحصول على لقمة عيشه.
• الحق في ممارسة الدين: لكل فرد الحق والحرية في اعتناق أي ديانة يرغب بها ويختارها، دون تعرضه للإكراه.

الحقوق الطبيعية للجماعات

من أهم الحقوق الطبيعية للجماعات ما يلي:^[٦]

• حقّ تحقيق المصير: وذلك عند قيام الجماعات واللجان التي تمثل الشعب بحماية الأفراد التابعين لها في تحقيق مصيرهم، ومعرفة إلى ماذا سيؤول.
• الحقوق الثقافية للمجموعات: وتتمثل هذه الحقوق باحترام آراء المجموعة وتقديم الدعم لها، وتشمل احترام لغة المجموعات، وجعلها قابلة للاستخدام وتوفيرها في المحيط العام.
• الحقوق الدينية للجماعات: وذلك بحريتهم في الانخراط والاعتقاد الديني الذي يناسبهم، وألا يتم تدنيس أماكنهم ورموزهم المقدسة واحترامها.

الفرق بين الحقوق الطبيعية والحقوق الاجتماعية

من أهم الفروقات بين الحقوق الطبيعية والحقوق الاجتماعية ما يلي:^[٧][٨]

• لا تعتمد الحقوق الطبيعية على قوانين أو أعراف أي دولة أو حكومة، بينما تُمنح الحقوق الاجتماعية من قبل المنظمات والهيئات للأفراد.
• الحقوق الطبيعية عالمية ولا يمكن التصرف بها أو إلغائها، بينما يمكن إلغاء الحقوق الاجتماعية أو تعديلها أو أن يتم ضبطها بالقوانين البشرية.
• تعد الحقوق الطبيعية حقوقًا يمكن تعميمها على جميع الأفراد، بينما الحقوق الاجتماعية لا يمكن تعميمها.
• ظهرت الحقوق الطبيعية على يد الفلاسفة اليونانيين القدامى، وتعتبر بأنها نشأت مع بدء البشرية، ولكن الحقوق الاجتماعية تعود نشأتها للحرب العالمية الثانية مع نشوء الأمم المتحدة.

فلسفة الحقوق الطبيعية

فلسفة أفلاطون في الحقوق الطبيعية

يعد الفيلسوف اليوناني أفلاطون من أجرأ الفلاسفة بالنسبة للتكهنات الميتافيزيقية، وعلى الرغم من أنه لا يمتلك نظرة خاصة وصريحة للقانون والحقوق الطبيعية، إلا أنه ناقش هذه الفكرة من خلال مجموعة أفكار، ومنها:^[٩]

• إن الكون يعمل ضمن منظومة منظمة ودقيقة.
• توجد مجموعة أشكال وأسس ضمن هذا الكون المنظم، وأهم هذه الأشكال هو شكل الخير؛ ومن ألمع هذه الصور متمثلة بالخير الذي يقود الشخص للتصرف بحكمة.

فلسفة أرسطو في الحقوق الطبيعية 

جادل الفيلسوف اليوناني أرسطو الذي يعتبره الكثيرون على أنه والد القوانين الطبيعية عدة أفكار تناولت الحقوق والقوانين الطبيعية من عدة جوانب، ومن أهمها:^[١٠][٩]

• إن ما قد يعتبر عادلًا من وجهة نظر الطبيعة قد يكون غير عادل بالنسبة للقوانين المطبقة، وبأن هنالك عدالة طبيعية مطبقة وهي إيجابية.
• اعتبر أرسطو أن هنالك قوانين وضعت من قبل الشعوب لنفسها، وهنالك قوانين وضعت من تلقاء نفسها تتناسب مع الطبيعة.
• اعتبر أرسطو أن العدالة الطبيعية هي جزء من العدالة السياسية.

فلسفة جون لوك في الحقوق الطبيعية 

دافع الفيلسوف الإنجليزي جون لوك في القرن السابع عشر عن الحقوق الطبيعية، وقام بتعريفها على أنها الحرية في الحياة والتملك، وأنه لا يجوز التنازل عن هذه الحقوق تحت أيّ ظرف، وكان إيمانه بالحكومات المثالية أنها ستقدم هذه الحقوق لمواطنيها وتحافظ عليها، وعادة ما ينظر لأفكاره بأنها الديمقراطية الحديثة، وآمن لوك بأن هناك ثلاثة حقوق أساسية للإنسان، وهي:^[٧]

• حق الحياة، بأن لكل الفرد الحق في العيش.
• حق الحرية، وذلك بأنه يحق لكل فرد الحرية في تصرفاته وبما يقوم به، ولكن دون أن يمس الآخرين.
• حق التركة، وهي بحق الفرد في امتلاك أي أموال يحصل عليها نتيجة عمله، أو هدية قدمت له، أو نتيجة حصوله عليها من تجارة ربح بها.

فلسفة توماس هوبز في الحقوق الطبيعية 

ناقش الفيلسوف الإنجليزي توماس هوبز الحقوق الطبيعية ضمن الأخلاق والفلسفة السياسية، وامتد تفسيره للحقوق الطبيعية إلى مفهوم الإنسان في حالته الطبيعية، ويكون باستخدام الفرد لسلطته الطبيعية الخاصة كما يشاء ويريد، ومن أهم الأفكار التي ناقشها:^[٧][١١]

• إن الإنسان دائماً في حالة حرب ضدّ الإنسان، وهي حالة طبيعية ومستمرة وعنيفة، ويكون فيها للفرد الحق في كل شيء.
• تعتبر الحقوق الطبيعية بالنسبة لهوبز ليست بعقود مزورة، إنما مبادئ قائمة على الحفاظ على الذات.
• اعتبر هوبز أن سلطة الحاكم سائدة ومطلقة، ولا توجد سلطة أعلى من سلطته، ولكن على الرغم من ذلك يحق للأفراد التصرف كما يحلو لهم عندما يكون صاحب السيادة صامتًا.