بدأ الباحثون في أوروبا الغربية بدراسة مفهوم العنصرية الثقافية بعمق في الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين، إذ تم استخدام مصطلح "العنصرية الثقافية" للإشارة إلى العداء ضد المهاجرين الذي كان منتشرًا خلال تلك الفترة في البلدان الغربية، إذ كان يتعرّض المهاجرون للعديد من المضايقات والاعتداءات اللفظية والجسدية والتمييز بناءً على الثقافة التي ينتمون إليها، والتي تشمل كلًا من اللباس، واللغة، والدين، والطقوس، والفنون، وقواعد السلوك، والأخلاق، والعقيدة.[١][٢]


مفهوم العنصرية الثقافية

يُطلق على مفهوم العنصرية الثقافية العديد من المصطلحات الأخرى التي بدأت بالانتشار في فترات مختلفة مثل؛ العنصرية الجديدة، وعنصرية ما بعد الحداثة، والعنصرية التفاضلية، والتي تستخدم جميعها للإشارة إلى التحيز والتمييز على أساس الاختلافات الثقافية بين المجموعات العرقية، إذ تتضمن العنصرية الثقافية فكرة أن بعض الثقافات تتفوق على غيرها، وأن الثقافات المختلفة غير متوافقة بشكل أساسي، ولا ينبغي أن تتعايش في نفس المجتمع أو الدولة.[١]


تعريفات أخرى للعنصرية الثقافية

فيما يأتي بعض التعريفات للعنصرية:[٣]

  • ظهرت عدة مصطلحات للإشارة إلى العنصرية الثقافية، مثل "الأصولية الثقافية" أو "العنصرية الحديثة"، والتي تعرّف بأنها نوع من أنواع العنصرية التي تعتمد على الاختلافات الثقافية بدلًا من العلامات البيولوجية التي تتعلق بفكرة التفوق العرقي أو الدونية العرقية، إذ يمكن أن تكون الاختلافات الثقافية حقيقية أو متخيلة أو مبنية.
  • أصبحت الثقافة إطارًا توضيحيًا شائعًا وسياسيًا لفهم وترشيد الوضع غير المتكافئ والمعاملة غير المتكافئة للمجموعات العرقية المختلفة، إذ تتفاخر بعض المجموعات العرقية بصفاتها الثقافية على نحو مبالغ به، مما يؤدي إلى ظهور الكراهية بين الثقافات المختلفة.
  • تُعد الثقافة تفسيرًا جديدًا لعدم المساواة العرقية، إذ تستخدم العنصرية الثقافية مفهومًا للثقافة من منظور أنثروبولوجي، بحيث يتم تصوير الثقافة على أنها متجذرة بعمق ومرتبطة بالتقاليد وأنها جوهرية أو طبيعية للمجموعة.
  • درس بعض العلماء شكلًا آخر من أشكال العنصرية الثقافية، وهو شكل متأصل في الخطابات الشعبية والسياسية حول الأعراق، إذ توجد على شكل إستراتيجيات خطابية وأدوات تأطير تشترك في سمات معينة سمحت للمؤسسات الاجتماعية والأفراد على حد سواء بإنكار الأهمية المستمرة للمعاني والهويات والأعراق والثقافات المختلفة.


أمثلة على العنصرية الثقافية

فيما يأتي بعض الأمثلة على العنصرية:[٤][٥]

  • يُمكن أن تكون الصور النمطية المنتشرة عن ثقافة معيّنة مثالًا على العنصرية الثقافية، إذ تستخدم هذه الصور النمطية عادةً لربط مجموعة من الخصائص بثقافة ما بغض النظر عن الفروق الفردية، وغالبًا ما تشتمل على مفاهيم خاطئة، ومعلومات غير كاملة، وتعميمات مسيئة، بالإضافة إلى أنه في معظم الحالات تفترض الصور النمطية خصائص سلبية عن المجموعة.
  • تعمّد عدم الجلوس إلى جانب شخص ما أو عدم الاقتراب من شخص ما، وذلك بسبب الشعور بعدم الارتياح تجاه ثقافته.
  • السخرية من خلفية وثقافة شخص ما، حتى وإن كانت مقنعة على هيئة مزحة.
  • يُمكن أن تكون العنصرية الثقافية على شكل عنصرية لغوية أيضًا، وهي أعمال وأقوال عدائية يتعرّض لها الأفراد بسبب استخدامهم للغة ما، إذ يمكن أن تكون هذه الأعمال أو الأقوال علنية أو خفية بطبيعتها، مثل تعرّض المتحدثين للسخرية من الآخرين، أو قد يتم إخبارهم بأنهم غير مفهومين لأنهم يتحدثون بلكنة مختلفة.[٦]


مخاطر العنصرية الثقافية

تشتمل العنصرية الثقافية على العديد من الآثار السلبية والمخاطر التي من شأنها التفريق بين الأفراد والمجتمعات، مثل:[٧][٨]

  • ترتبط العنصرية الثقافية ارتباطاً وثيقاً وواضحاً بضعف التكيّف النفسي بين المراهقين المهاجرين.[٩]
  • تتسبب العنصرية الثقافية بآثار خطيرة على الصحة النفسية للمتضررين، مثل؛ مشاعر الحزن، وانعدام الثقة بالنفس، والعزلة الاجتماعية، والقلق، والخوف من التعرض للاعتداء اللفظي أو الجسدي، وعدم القدرة على التركيز على الواجبات المدرسية أو العمل، والغضب، والرغبة بالانتقام.
  • تؤثر العنصرية الثقافية على الفرص الاقتصادية لمجموعات معينة معرّضة لهذا النوع من العنصرية، مما يقلل من فرص نجاح الأجيال اللاحقة، إذ قد تؤدي الحالة الصحية أو الوظيفية السيئة للوالدين المعرّضين للعنصرية إلى الحد من قدرتهما على مراقبة تعليم أطفالهما أو دعمهم، مما قد يؤدي بدوره إلى خفض مستوى الأطفال الأكاديمي.
  • قد يؤثر التمييز في المدرسة الابتدائية سلبًا على نتائج الطلاب في المدرسة الثانوية، مما يقلل من فرص الالتحاق بالجامعة.
  • قد يؤدي السلوك التمييزي في تقييمات المعلمين للطلاب المعرّضين للعنصرية الثقافية في المدرسة الابتدائية المبكرة إلى زيادة احتمالية التمييز في المستقبل في مهام الفصل أو في المدرسة المتوسطة، وبالمثل قد يؤثر التمييز في سوق العمل في التوظيف أو تقييمات الأداء، مما يعزز التمييز في الترقيات ونمو الأجور بين الموظفين.


طرق محاربة العنصرية الثقافية

فيما يأتي بعض الطرق لمحاربة العنصرية الثقافية:[١٠]

  • دافع عن نفسك أو عن صديقك أو عن أي شخص غريب عند التعرض للتنمر بسبب العنصرية الثقافية، فغالبًا ما يستمر التنمر المرتبط بهذا النوع من العنصرية، وذلك لأن المتنمرين يرون أن الشخص لن يدافع عن نفسه، لذلك من المهم إيقاف دائرة العنصرية من خلال الرد.
  • عندما يقول لك شخص ما شيئًا عنصريًا، حاول الرد بأحداث أو حقائق أو إحصائيات تساعد على تثقيف الأشخاص الذين قد يكونون أقل وعيًا بكيفية تأثير هذه التعليقات على الأشخاص الآخرين، إذ من المهم مكافحة العنصرية الثقافية بالمعرفة.
  • واجه الاعتداءات الصغيرة والتي تعرف بأنها أعمال أو أقوال قد تبدو صغيرة لكنها تؤثر بعمق على الأشخاص، ففي حين أن هذه الأفعال ليست صارخة أو مؤذية جسديًا إلا أنها يمكن أن تكون مؤلمة بنفس القدر.
  • انتبه لنفسك ولأصدقائك عند الانخراط في أفعال أو أقوال مرتبطة بالعنصرية الثقافية، وذلك لما لها من آثار سلبية كبيرة على الصحة النفسية للمتضررين من العنصرية.
  • إذا كنت قد واجهت تحيزًا أو عنصريةً أو تمييزًا بناءً على ثقافتك، فقم بتوثيقه وعرضه على سلطة معينة مثل المعلّم أو مدير المدرسة أو ضابط الشرطة أو صاحب العمل، إذ إنها طريقة مهمة للتأكد من أن يكون الناس على دراية بهذه الأفعال والأقوال العنصرية لاتخاذ الإجراءات اللازمة، وأن هذا النوع من السلوك غير مقبول ولن يتم التغاضي عنه.
  • انضم إلى منظمة تعنى بقضايا العنصرية الثقافية، أو قم بإنشاء نادي أو مجموعة للأشخاص القادمين من بلدان وثقافات مختلفة، حيث وجدت الدراسات أن الأشخاص الذين يشعرون بالاختلاف يرغبون في دعم الإدماج والتنوع بنشاط من خلال الانضمام إلى أشخاص آخرين قد تكون لديهم تجارب مماثلة في سياقات مماثلة، مما يمكّنهم من البدء في إنشاء هوية داخل المجموعة، إذ يمكنهم التحدث عن كيفية تأثير سوء فهم الآخرين على حياتهم ومعاناتهم مع العنصرية وكيف استجابوا لها.
  • احتفل بصداقاتك الدولية، وشجّع الآخرين على تكوين صداقات مع طلاب وأشخاص من بلدان أخرى، إذ قد يكون من المثير للاهتمام التعلّم من الأشخاص الآخرين في نفس العمر عن أسلوب حياتهم، وماذا يأكلون، وماذا يفعلون في وقت فراغهم، ففي حين أنه قد توجد بعض الأشياء مختلفة إلا أنه من المحتمل أن توجد العديد من العوامل المشتركة، مما يزيل الحواجز العديدة بين الثقافات ويحد من العنصرية الثقافية.


المراجع

  1. ^ أ ب "Cultural racism", Google Arts and Culture, Retrieved 15/8/2021. Edited.
  2. can be defined as,, religion, rituals, art. "What is Culture?", Boston University, Retrieved 15/8/2021. Edited.
  3. "Cultural Racism", encyclopedia, Retrieved 15/8/2021. Edited.
  4. "Understanding racism and how to spot it", reachout, Retrieved 15/8/2021. Edited.
  5. "Examples of racial discrimination (fact sheet)", Ontario Human Rights Commission, Retrieved 15/8/2021. Edited.
  6. "Ask the expert: Understanding linguistic racism", msutoday, Retrieved 15/8/2021. Edited.
  7. "Cumulative Disadvantage and Racial Discrimination", The National Academies Press, Retrieved 15/8/2021. Edited.
  8. "Cultural Differences and Discrimination", parentline, Retrieved 15/8/2021. Edited.
  9. Miriam A. Knauss, Kristina Gunther, Sophie Belardi, Pauline Morley, Ulrike von Lersner , "The impact of perceived ethnic discrimination on mental health depends on transcultural identity: evidence for a moderator effect", bmc psychology, Retrieved 15/8/2021. Edited.
  10. Marian University, How to fight racism in school, Page 3. Edited.