تعتبر المخدرات من العقاقير التي يشيع استخدامها بين بعض فئات المجتمع، والتي يؤدي تعاطيها إلى حالة من التخدير الكلي أو الجزئي مع فقد الوعي أو دونه، وقد يعطي بعضها شعورًا بالنشوة والسعادة والهروب من الواقع بشكل أو بآخر، كما أنّها تعتبر موادّ مسكرة للعقل، ويتميز مصطلح الإدمان بعدم القدرة على التخلي عن تناول عقار ما أو سلوك ما، مما يؤدي بشعور قهريّ يدفعه للاستمرار في تعاطي العقار والاعتماد عليه.[١]


آثار المخدرات الاقتصادية أو المادية

تشكل المشكلات المادية والاقتصادية عائقًا كبيرًا على الأفراد الذين يتعاطون المخدرات، وعلى العائلات من حولهم، بل وعلى أعمالهم، وأوطانهم كذلك، فهي تشمل آثاراً على الأموال، وأخرى محسوسة، ومن هذه الآثار:

على الفرد

نذكر منها:

  • فقدان الوظيفة: يتأثر ثبات الموظفين من متعاطي المخدّرات في أعمالهم، فبسبب السلوك غير السوي الناتج عن المخدرات، وكثرة التغيبات، وصعوبة أداء المهام على أكمل وجه، سيؤدي إلى فصل متعاطي المخدّرات من العمل.[٢]
  • الأزمات المالية: بسبب تكلفة المخدّرات العالية في بعض الأحيان، وعدم قدرة الشخص على الحصول على مصدر دخل، سيعاني الشخص من أزمة مالية بسبب الحاجة المتكررة لشراء المخدرات وتفضيلها في بعض الأحيان على الحاجات الضرورية للحياة.[٣]
  • الديون: يحتاج مدمنو المخدرات في كثير من الأحيان لاقتراض الأموال من الأشخاص من محيطهم، ما يجعل تراكم الديون واردًا، وخاصة أنّه يصعب سدادها بسبب قلة المدخلات، وغلاء أسعار المخدّرات.[٣]


على المجتمع

نذكر منها:

  • زعزعة الاقتصاد الوطني: فتعاطي المخدّرات يعد تشجيعًا للمروّجين للكسب غير المشروع، الذي قد يؤدي بدوره لوضع العقبات أمام المشاريع المشروعة والنزيهة.[٤]
  • التضخّم المالي: وهذا المصطلح يعني الارتفاع في تكلفة توفير الموارد الأساسية لمعيشة الشخص، والزيادة في أسعار المنتجات والخدمات، التي تؤدّي لإضعاف القوة الشرائية لكل وحدةٍ من العملات، أي تقل قيمة وكفاءة المال في شراء سلعة أو خدمة ما،[٥] وأمّا عن علاقته بالمخدرات فهو بسبب توفر المصادر غير المشروعة لترويج المخدرات، والتي بدورها تساهم في غليانٍ اقتصاديّ، ينبئ بمستقبل تضخّم اقتصادي واضح المعالمِ.[٤]
  • ارتفاع معدلات العنف: هناك علاقة طردية ووثيقة بين نسب تعاطي المخدّرات ونسب الجرائم، ففي عام 2007 ميلادي، تم تسجيل أكثر من 750 ألف جريمة كانت لها علاقة بشكل أو آخر بتعاطي المواد الممنوعة كالمخدرات والكحول.[٦]


آثار المخدرات الصحية والجسدية

يسخّر الأطباء القدرات والموارد في دراساتهم وأبحاثهم في محاولة التصدّي لعواقب إدمان المخدّرات، ومحاولة إنشاء برامج جديدة تحارب الإدمان وتسهّل الانسحاب دون الأعراض الانسحابية الخطيرة، لكن بالمقابل لا تزال هناك مخدرات مصنعة تستجدّ في الأسواق وتصبح في متناول الجميعِ، وبالتالي تشكّل العواقب الصحية والجسدية مخاطر على الأفراد والمجتمعات، وتشمل هذه الآثار:[٧]


على الفرد

تؤثر المخدرات على عدة أجهزة في جسم الإنسان وتؤدي لمشاكل، ومن هذه المشاكل:

  • مشاكل القلب والجهاز الدوراني: تشمل هذه المشاكل العديد من الأمراض، كارتفاع الضغط، واعتلال عضلة القلب، وإصابة الصمّامات الداخلية بالعدوى، وفشل القلب.
  • مشاكل الجهاز الهضمي: مثل التهاب البنكرياس، وإصابة الكبد بالالتهابات التي قد تتطور لتؤدي لتشمّع الكبدِ، كما تؤدي المخدرات للإمساك المزمن.
  • مشاكل الجهاز العصبي: مثل فقدان الذاكرة، والهذيان، والتهاب الأوعية الدموية في الدماغ، والشعور المزمن بالصداع، والجلطات الدماغية.
  • مشاكل الجهاز التنفسي: مثل تضيّق القصبات الهوائية، وارتفاع ضغط الرئتين، والقصور التنفسي بسبب الأمراض التنفسية المزمنة.
  • مشاكل أخرى: تؤثر المخدرات على الأداء الجنسي، كما تؤدي لمشاكل الحمل، كما أنّ المخدرات سبب لفقر الدم.


على المجتمع

يعاني المجتمع من الآثار الصحية بسبب متعاطي المخدرات، ومن هذه الآثار:

  • انتشار الأمراض المُعدية: فمن العادات المنتشرة بين متعاطي المخدّرات استخدام الأدوات غير المعقمة والملوثة، ومن أشهر هذه الأمراض وأخطرها هو مرض فقدان المناعة المكتسب، المعروف بالإيدز، والتهاب الكبد الوبائي، ومن الخطورة العالية انتقال هذه الأمراض لأفراد المجتمع.
  • انتشار الأمراض النفسية: تترافق الأمراض النفسية المتعددة مع تعاطي المخدرات، وتؤدي لاضطرابات الشخصيات وخاصةً الشخصية الحديّة (Borderline Personality)، والشخصية المعادية للمجتمع (Antisocial Personality)، مما تؤثر سلبًا على المجتمع بسبب انتشار الجرائم، ومحاولة نشر فعل تعاطي المخدرات.


آثار المخدرات النفسية أو المعنوية

من آثار المخدّرات النفسية أو المعنوية:

على الفرد

تشمل الآثار النفسية طيفًا واسعًا من الأعراض والأمراض، وكلّما زادت الجرعة المتعمر عليها زادت هذه الأعراض، وتؤثر خاصة على التركيز، والذاكرة، وصعوبات التعلّم، واضطرابات أخرى منها:[٨]

  • الاضطرابات الذُهانية: وهي مجموعة من الأعراض التي تؤثر على التفكير، والشعور، والتفاعل مع الآخرين، بحيث يصعب على الآخرين التفريق بين الواقع والشعور الداخلي الزائف، وقد تشمل قناعات غريبة كالقوى الخارقة، أو الأوهام الثابتة والشكوك المستمرة، أو الشعور بتغيّر الشخص عن ذاته، أو أنّ هناك من يراقبه.
  • انفصام الشخصية: فقد أثبتت الدراسات أنّ متعاطي المخدّرات خاصّة نوع الحشيش من فئة الشباب المراهقين معرّضون أكثر لتطوير مرض انفصام الشخصية، إلا أنّ العلاقة بالضبط ليست واضحةً بعد.
  • الأعراض المزاجية: ومن الأمثلةِ عليها:
  • الاكتئاب: لتعاطي المخدرات علاقة وثيقة بتطوير مرض الاكتئاب الجسيم، خاصةً إذا كانت العوامل البيئية والجينيّة مساعدة على ذلك.
  • ثنائي القطب: أثبتت الدراسات أنّ حالات الزهو من نوع ثنائي القطب الأول تحدث بعمرٍ مبكّر مقارنة بالحالات المعتادة، وخاصة مع الفئة التي تتعاطى نوع الحشيش.
  • التوتر: أثبتت الدراسات احتمالية حدوث نوبات توتر حادّة وعابرة، وزيادة التوتر في الفئة ذات تعدل العمر 29 سنةً ومعاناتها من مرض التوتر المزمِن.


على المجتمع

نذكر منها:

  • السرقة: هوس السرقة (Kleptomania) هو نوع من الأمراض النفسية التي تحثّ الشخص على تعمد السرقة، وفي بعض الأحيان من دون الحاجةِ للمادة المسروقة، ويترافق هذا الهوس مع تعاطي المخدرات في كثير من الأحيان ويؤثر بدوره يؤثر على المجتمع فيؤدي للاستيلاء على أشياء لا تخصه.[٩]
  • إدمانات أخرى: مثل إدمان القمار (Gambling Disorder) بهدف جني الأموال عن طريق الرهان أو التضحية بمبلغ ما بهدف احتمالية جني أضعافه، وهذا الفعل النفسي يتشارك في كثير من الأحيان مع الأشخاص الذين يتعاطون المخدّرات، والذي بدروه يؤثر على صلاح أفراد المجتمع، ونشر هذا الفعل الإدماني بينهم.[١٠]


آثار المخدرات الاجتماعية

تعتبر الآثار الاجتماعية من الآثار الشاملة لعدة أطياف، فهي تشمل علاقة الشخص مع العائلة، ومع المجتمع، وتعاطي المخدرات يعد من العوائق التي تقلص فعالية التواصل، ولا تقتصر الآثار على المدمن فحسب، بل تمتد لتؤثر سلبًا على الأشخاص الآخرين ممّن يتعاملون مع المدمنين، وتشمل هذه الآثار:


على الفرد

نذكر منها:

  • تدمير الثقة: يمكن أن يؤدي الإدمان إلى نشوء عادات وتغيرات تؤدي إلى فقدان الثقة بالشخص المدمن، مثل قلة الصبر، والمزاج المتقلب، وقلة الاهتمام بالآخرين، وغيرها، وكل هذه سلوكيات تظهر عند تعاطي المخدرات، وبالتالي فهي قد تؤثر سلباً على الصداقات.[١١]
  • تقييد الحرّية: فبسبب نتائج الإدمان المتعلقة بالحجز المالي، والجرائم، وكسر القوانين والسرقة، يتم إدخال العديد من متعاطي المخدّرات إلى السجن، ممّا يعيق ممارستهم لحياتهم اليومية بشكل طبيعي، وسلبهم حرياتهم.[١١]


على المجتمع

نذكر منها:

  • التفكك الأسري: تعد الأسرة حجر الأساس للمجتمع، فهي مصدر التربية السليمة والتي تقوم على الصدقِ والثقة، وهذه المفاهيم لا تتحقق بإدمان المخدرات، فإذا تدمّرت الأسرةُ تدمر المجتمع، ومن آثار تعاطي المخدرات الأساسية، هو تفكك الأسرة، وبالتالي فساد الأجيال، كونها لن تُحتضن من أسر متماسكة ومعطاءة.[١١]
  • زعزعة العلاقات الاجتماعيّة: فالشخص المتعاطي يفضّل الانعزال جسديًا ووجدانيًا عن غيره، وذلك لعدم رغبته بذلك، فيؤدي إلى حرمان المجتمع من الأفكار الإبداعية والابتكار.[١٢]


آثار المخدرات الأخرى

من آثار المخدّرات الأخرى:

على الفرد

نذكر منها:

  • مشكلات في المدرسة: نتيجة التغيُّب عن العديد من الحصص الدراسية أو ترك المدرسة بشكل تام لدى المراهقين المدمنين.[١٣]
  • إهمال المظهر: فمن مظاهر إدمان المخدّرات العزوف عن الاهتمام بالمظهر، وسوء انتقاء الملابس، وعدم العناية بالنظافة الشخصيةِ.[١٣]
  • إضاعة الوقت: فالمدمن يشعر بالحاجة اليوميّة الملحّة لتعاطي المخدّرات، وبالتالي فهو يقضي عدّة ساعات من أيّامه في أفعال تضرّه، وحتى أنّ التعافي من المخدّرات يستهلك وقتًا كبيرًا.[١٣]


على المجتمع

نذكر منها:

  • حوادث السيرِ: فمن أكثر الأسباب الشائعة للحوادث المرورية هو عدم التركيز أثناء القيادةِ، وتشتيت الانتباه، وهي من نتائج المخدّرات، كما أنّ تعاطي المواد المحظرة أثبت أنّه يؤدي لحوالي 29 حادثاً مرورياً في أمريكا بالمعدّل.[١٣][١٤]
  • جيل غير ملتزم: فيُلاحظ بين مدمني المخدّرات عدم الوفاء بالالتزامات وعدم القدرة على تحمّل مسؤوليات العمل، وتقليل المشاركة في الأنشطة الاجتماعية، أو الترفيهية.[١٣]

المراجع

  1. اآلثار الصحية والنفسية لتعاطي شباب الجامعة للمواد المخدرة، الصحية والنفسية لتعاطي شباب الجامعة للمواد المخدرة .pdf?sequence=1&isAllowed=y د أمينه إبراهيم بدو ي دمحمود فتوح سعدات، صفحة 1-4. بتصرّف.
  2. "Pathways of Addiction: Opportunities in Drug Abuse Research (", The National Academic Peers, Retrieved 13-5-2021. Edited.
  3. ^ أ ب "The Wrenching Financial Costs Of Addiction", Forbes, 27-12-2018, Retrieved 13-5-2021. Edited.
  4. ^ أ ب الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات، المخدرات غير المشروعة والتنمية الاقتصادية، صفحة 8. بتصرّف.
  5. KIMBERLY AMADEO (30-4-2021), "Inflation, How It's Measured and Managed", The Balance, Retrieved 13-5-2021. Edited.
  6. Romeo Vitelli. (8-3-2018), "How Are Substance Abuse and Violence Related?", Psychology Today, Retrieved 13-5-2021. Edited.
  7. Karen L Dugosh, PhDJohn S Cacciola, PhD (25-2-2019), abuse&source=search_result&selectedTitle=1~150&usage_type=default&display_rank=1#H1873037721 "Clinical assessment of substance use disorders", Up To Date, Retrieved 11-5-2021. Edited.
  8. David A Gorelick (18-9-2018), effects of drug abuse&source=search_result&selectedTitle=1~150&usage_type=default&display_rank=1#H2071930276 "Cannabis use and disorder: Epidemiology, comorbidity, health consequences, and medico-legal status", Up to date, Retrieved 13-5-2021. Edited.
  9. (klep-toe-MAY,loved ones if not treated. "Kleptomania", Myo clinic, Retrieved 13-5-2021. Edited.
  10. "Compulsive Gambling", myo clinic, Retrieved 13-5-2021. Edited.
  11. ^ أ ب ت "10 WAYS DRUG ABUSE HURTS YOU AND THOSE AROUND YOU", American Addiction Center, 3-11-2020, Retrieved 13-5-2021. Edited.
  12. خالد حمد المهندي، المخدرات وآثارها النفسية والاجتماعية والاقتصادية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، صفحة 99. بتصرّف.
  13. ^ أ ب ت ث ج "إدمان المخدرات (اضطراب تعاطي المواد المخدرة)"، مايوكلينيك، اطّلع عليه بتاريخ 13-5-2021. بتصرّف.
  14. of speeding-related accidents. "Common Causes of Car Accidents", WKW, 31-7-2020, Retrieved 13-5-2021. Edited.